شكل الثامن من مارس ذكرى معركة نبيلة قادتها المرأة من أجل التحرر. انطلقت من ذكرى تخليد احتراق عاملات نسيج في مصنع أمريكي يوم 8 مارس 1908، ودافع الاشتراكيون الأمريكيون عن اتخاذه يوما للاحتجاج وتم تبنيه عالميا بعد اتساع رقعة الاحتجاجات النسائية في أوروبا مطالبة بالعديد من الحقوق ومنها الحق في الانتخاب. وسارت الأمور للمطالبة بكثير من الحقوق وصولا إلى المساواة في كافة الحقوق.
لكنها تحولت فيما بعد إلى إديولوجية نسوية الغرض منها هيمنة الغرب على باقي دول العالم، بدعوى تعميم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وسقط في الفخ بعض الحركات المعارضة في العالم الثالث، التي أدت وظائف بحسن نية وبسوئها أحيانا لفائدة دول الهيمنة.
في كثير من المطالب التي ترفعها الحركات النسائية كثير من المعقول، وكثير من المطالب ينبغي أن يتبناها الجميع والدفاع عنها.
لكن الخلاف في كون كثير من القضايا التي يدور النزاع حولها مفتعلة. نعم هناك معارك حقيقية ينبغي أن تقودها المرأة وأن يدافع عنها الرجل لكن كثير من الأمور غير حقيقية.
الثامن من مارس لم تكن كما كانت. في التاريخ رمزية كبيرة. استغلال بشع. قام أحد أصحاب مصانع النسيج بإغلاق أبوبا المصنع على النساء العاملات وأشعل النار بحرق المصنع بسبب إضرابهن عن العمل واعتصموا داخل المصنع لتحسين أجورهن مما أدى إلى وفاة كل النساء العاملات وعددهم 129 عاملة من الجنسيات الأمريكية والإيطالية وعلى إثر هذه المجزرة ورفضا لوحشية وإجرام صاحب المصنع بدء المناضلات يحيين الذكرى سنويا، وفي سنة 1975 أقرته الأمم المتحدة كعيد عالمي للمرأة.
لا يصلح لمن لا قبل لها بالتضحية أن ترفع شعارات براقة قصد تحصيل موارد مالية، لأن الأمر عظيم ولليوم قدسية كبيرة تعود لهذه الوحشية التي لا مثيل لها.
تخليد الذكرى هو رفض للظلم ضد الإنسان، بغض النظر عن نوعه، وهو رفض لانتهاك الحقوق، ومطالبة لأرباب العمل باحترام قواعد التشغيل، التي من أجلها أدت أولئك النساء الثمن غاليا.
لكن اليوم أصبح النزاع غير طبيعي كأنه صراع بين المرأة والرجل، في الوقت الذي يعاني منه الاثنان. كيف يمكن صناعة نزاع بين طرفين هما ضحايا الاستغلال؟
النزاع غير طبيعي ودخلت فيه عوامل ليست منه. فالصراع ليس بين المرأة والرجل حول الحقوق، لأن الحقوق مشتركة، إلا ما تعلق بخصوصيات النساء.
من دفع بأن يكون النزاع بين المرأة والرجل كان يريد وما زال يريد ألا ينتبه إليه أحد. الحقيقة أن المرأة والرجل ضحايا الظلم والتعسف. وحصر النزاع بينهما كي لا يكونا في صف واحد للمطالبة بالحقوق، وعند تحقيقها يمكن النظر إلى “النوع” أو الجندر بلغة المعاصرين، والنظر إلى خصوصيات المرأة والحقوق المرتبطة بها كـ”نوع” لكن لا يمكن أن تحقق شيئا ان اعتبرت الرجل عدوا ولا يمكن لهذا الأخير أن يحقق شيئا إن اعتبر المرأة عدوا.