جدد المغرب، رفضه لمحاولة مدريد إقحام الاتحاد الأوروبي في نزاع ثنائي والإحتماء بالبرلمان الأوروبي في الأزمة المغربية الإسبانية، حيث شدد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، على أن” موقف المغرب كان واضحا من تطورات الأزمة مع إسبانيا”، مشددا” أن الأزمة بين المملكتين الإسبانية والمغربية لم تبدأ مع وصول زعيم البوليساريو إلى إسبانيا أو بمغادرتها، مجددا تأكيده أن جذور الخلاف تتعلق بمدى احترام الشراكة بين البلدين الجارين”.
ورفض بوريطة محاولات إسبانيا إقحام الاتحاد الأوروبي في الملف من باب الهجرة غير النظامية، وقال إن الأزمة ثنائية وسياسية مع إسبانيا، وليست مع الاتحاد الأوروبي، معتبرا أن هذه المحاولات الإسبانية تهدف إلى صرف النظر عن الأسباب الحقيقية لجذور الخلاف بين البلدين، موضحا ” أن التوتر مع إسبانيا لأن أسباب الخلاف الأساسية موجودة”، مطالبا مدريد بحل هذا التوتر”.
وأقحم البرلمان الأوروبي في الأزمة بين المغرب و إسبانيا، عبر رفع مسودة قرار بشأن اقتحام مغاربة لمدينة سبتة المحتلة، حيث ندد النائب البرلماني الأوروبي، توماش زديتشوفسكي، الأربعاء، بمناورات مدريد في البرلمان الأوروبي الرامية إلى تمرير قرار معاد للمغرب.
وحذر النائب الأوروبي التشيكي على حسابه في “تويتر” من أن “حكومة سانشيز، عبر الضغط بقوة من أجل تبني قرار للبرلمان الأوروبي ضد المغرب، تسعى إلى التمويه على أخطائها المتتالية، قصد جر الاتحاد الأوروبي إلى هذا المسار الخطير”.
واستنكر “بذل مدريد قصارى جهدها لزعزعة استقرار الدولة الوحيدة المستقرة والآمنة في المنطقة”، مشيرا إلى أن “هذه المناورة العقيمة ستؤدي إلى التصعيد بدلا من إتاحة فرصة أمام الحوار بين بلدين جارين”.
من جهته سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، أن المغرب تقاسم آلاف المعلومات الأمنية المتعلقة بالهجرة غير النظامية مع السلطات الإسبانية، كما أجهض آلاف المحاولات الرامية إلى الالتحاق بالضفة الشمالية للمتوسط بهذه الطريقة، خلال السنوات الثلاث الأخيرة فقط.
وأوضح رئيس الحكومة، ان” المغرب تقاسم أكثر من تسعة آلاف معلومة أمنية ذات حساسية كبيرة مع السلطات الأمنية الإسبانية حول الهجرة غير النظامية في السنوات الثلاث الأخيرة، وذلك في إطار التنسيق القائم بين البلدين، وبلغ عدد محاولات الهجرة غير النظامية التي أجهضتها المصالح المختصة في المملكة خلال الفترة نفسها أربعة عشر ألف محاولة، وتفكيك أكثر من ثمانية آلاف خلية لتهريب البشر، وإجهاض أكثر من ثمانين محاولة لاختراق الحدود الموجودة مع سبتة المحتلة.
من جهته أكد الخبير السياسي، مصطفى الطوسة، أن إسبانيا تلعب بورقة التضامن الأوروبي في الأزمة القائمة مع المملكة، وقال الخبير السياسي في مقال تحليلي بعنوان “عندما تلعب إسبانيا بورقة التضامن الأوروبي ضد المغرب”، أنه عندما وصلت عملية شد الحبل بين الرباط ومدريد إلى “وضع خطير”، لم تستجب مدريد لهذه الأزمة الثنائية بكيفية تجد من خلالها حلا في إطار مصغر.
واعتبر أن السلطات الإسبانية التي تأمل في ممارسة الضغط على المغرب، حاولت تحويل عملية شد الحبل السياسي هاته إلى ملف للأزمة مع أوروبا على خلفية مخاوف تتعلق بالهجرة، مشيرا إلى أن الرغبة في إضفاء الصبغة الأوروبية على أزمة ثنائية تشكل جزءا من “ترسانة الحرب” الإسبانية الموظفة في مواجهة المغرب.
وأشار ضمن هذا المقال التحليلي الذي نشر على موقع “أطلس أنفو”، أن التوتر الذي تشهده العلاقات القائمة بين المغرب وإسبانيا ألقى بالضغط على مبدأ التضامن الأوروبي المقترن بالمصالح الوطنية لكل واحد من البلدان الأعضاء.
وكتب الخبير السياسي أن “أوروبا لم تخرج من بوتقتها إلا عندما وظفت حكومة بيدرو سانشيز ورقة كابوس الهجرة”، منددا بجزء من الصحافة الإسبانية المهووسة بتحطيم صورة المغرب والمدفوعة بتسوية حسابات تاريخية ذات خلفيات عنصرية.
وبالنسبة للخبير السياسي، فإن مدريد لعبت بقوة ورقة الخوف من الهجرة من أجل إدانة المغرب وتحميله جميع تداعيات هذه الأزمة، وأكد أن “هدفها لم يكن هو القيام بحملة من أجل حماية أوروبية مشتركة ضد شبكات الهجرة غير الشرعية، بقدر ما كان هو القيام بتمويه سياسي وإعلامي غايته إخفاء مظاهر إفلاس إدارتها لقضية إبراهيم غالي التي أسقطت الأقنعة عن ازدواجية نهجها اتجاه المغرب”، وأضاف أن هذه الأزمة تسببت، من جهة أخرى، في ردود أفعال داخل الطبقة السياسية الإسبانية، منها بعض الأصوات المؤثرة التي طالبت باستقالة الوزيرة الإسبانية للشؤون الخارجية، آرانشا غونزاليز لايا، بسبب العجز السياسي والدبلوماسي والإخفاق في تدبير هذا التوتر مع بلد جار مهم كالمغرب.
وأوضح الطوسة أنه في مواجهة هذه الأزمة، كانت بعض الدول الأوروبية منقسمة بشكل واضح بين تضامنها العضوي مع إسبانيا، التي تشترك معها العضوية في الاتحاد الأوروبي، وبين علاقاتها الإستراتيجية والخاصة مع المغرب، وبالنسبة للخبير السياسي، فإن التساؤل الحقيقي الذي يستدعي النقاش هو: كيف يمكن أن يضع مجموع الفضاء الأوروبي في الميزان حيوية علاقاته مع المغرب، لمجرد أن جزءا من السلطة الإسبانية، الضئيلة والنشطة، اعتبر أنه من المفيد الضغط على دواسة العداء اتجاه المغرب ؟، وأضاف أن الأجندات والمصالح الإسبانية لا تلتقي بالضرورة مع مثيلتها لدى الفرنسيين، الإيطاليين والبلجيكيين، ومع ذلك، وباسم التضامن الأوروبي، فإن جميع هذه الدول مدعوة إلى التكيف مع درجة حرارة العلاقات التي تريدها إسبانيا، وحذر من أنه “علاوة على ذلك، سيكون من المجازفة، بل ومن الخطير، أن تقبل هذه الدول الأوروبية بالانجرار إلى هذا الاضطراب بين المغرب وإسبانيا”.