أقبح أنواع الاستغلال السياسي هو استغلال الأزمات لتحقيق تقدم هنا أو هناك، أو جلب قاعدة انتخابية جديدة، واليوم يعيش المغرب نازلة كبيرة مثله مثل باقي دول المعمورة، حيث نعيش منذ أكثر من سنة تحت وطأة جائحة كورونا، التي غيّرت كل شيء وصنعت حياة جديدة، ونحن والحمد لله، وبتوجيهات ملكية تم التعاطي مع الموضوع بالجدية اللازمة، حيث تم إقرار إغلاق تام ومؤقت لمدة ثلاثة أشهر حتى استوعبت الدولة المعطيات، وتم العودة التدريجية للحياة تحت طائلة الإجراءات الاحترازية، وتمت معالجة الآثار الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن الإجراءات المذكورة.
اختار المغرب التحدي وتفضيل المواطن على الاقتصاد كما قالت الواشنطن بوست “ملك المغرب يفضل شعبه على الاقتصاد”. لكن مقابل هذا الحزم الملكي، الذي لا يميز بين أبناء الشعب، كانت الحكومة تتحرك وفق جزر حزبية معزولة كل واحدة تريد تقديم خدمات تعود بالنفع على الحزب الذي ينتمي إليه الوزير.
في هذا السياق جاء كلام مولاي حفيظ العلمي، القيادي في التجمع الوطني للأحرار ووزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي والأخضر، في البرلمان، حيث قال إن دعم أصحاب المقاهي، من المالكين والعاملين، صعب في الوقت الحالي وما زالت الحكومة لم تتخذ أي إجراء بصدده.
طبعا حكومة “المياومين” لم تتخذ بعد أي إجراء في حق فئة من المواطنين، مالكين وعاملين، فرضت عليهم الإغلاق الليلي بمعنى ضياع أرزاقهم ومصادر قوتهم وقوت عائلاتهم. فرضت عليهم الصيام بالنهار والجوع بالليل، لكن دون أن تعالج المشاكل المترتبة عن هذا القرار.
لم يختر أصحاب المقاهي إغلاق محلاتهم، ولم يطلبوا من الحكومة سوى حل هذه المعادلة الصعبة، التي تتجسد في الاضطرار إلى الإغلاق مع الإغلاق الليلي، لكن حسب الوزير التجمعي فإن الحكومة لحد الآن غير معنية بتاتا بما وقع لهؤلاء، ونعرف جيدا أن الوزير ينتمي لحزب لا يعول على هذه الفئة خلال الانتخابات، وبالتالي لا تشكل بالنسبة إليه كتلة انتخابية.
بينما تتعامل المؤسسة الملكية مع المغاربة بصفة المواطنة تتعامل المؤسسة الحزبية مع المغاربة حسب التصنيف الانتخابي، وهو ما نراه أيضا على مقربة من الانتخابات حيث تتحرك الجماعات الترابية قصد ترميم الطرقات، التي تنتمي للدوائر الانتخابية التي تصوت على الحزب الذي يقود الجماعة.
كيف يعثر حزب على تمويل جمعية للعمل الاجتماعي وزّعت مئات الآلاف من المساعدات الغذائية على مقربة من الانتخابات، وهو تمويل مرتبط بكثير من الجدل، لكنه لم يسعى أصلا للتفكير في فئة من المجتمع تموت جوعا خلال رمضان لأن الحكومة أغلقت عليهم الأبواب ليلا ولا شغل لهم بالنهار بمعنى قطع أرزاقهم.
لسنا في وارد ممارسة الشعبوية التي نطق بها برلماني الأصالة والمعاصرة مولاي هشام المهاجري، ولكن نقول إنه إن كان لزاما فرض حظر التجول الليلي فإنه لزاما دعم الفئات المتضررة من هذا القرار، وكان على الحكومة التفكير قبل هذا الوقت لهذا قلنا إنها حكومة “مياومين” بلا تفكير استيباقي.