يُسائل غياب خطة حكومية لمواجهة الآثار السلبية على المحصول الزراعي بالمغرب، الإجراءات الحكومية ونجاعة المبادرات المسطرة لوزارة الفلاحة، ومدى الاستعداد الحكومي للتصدي لتحديات ضعف التساقطات المطرية وارتفاع درجات الحرارة الموسمية ونتائجه على المحصول، بعدما سجلت درجات الحرارة ارتفاعا في الفترة الأخيرة بما بين خمس وست درجات، فيما لا تساقطات تلوح في الأفق حتى الثالث من مارس المقبل.
وتقف الحكومة عاجزة، أمام التأثيرات السلبية لإنحباس الأمطار، وهاجس ضعف إنضاج الحبوب، والفشل أمام توفير التبن، الذي يستخدمه مربو المواشي من أجل الحصول على العلف، حيث حذر في وقت سابق تقرير أمريكي من تراجع محصول القمح المتوقع في العام الحالي، على خلفية ضعف التساقطات المطرية المسجلة حتى فبراير، ويعزى هذا الانخفاض، حسب وزارة الفلاحة الأميركية، إلى ضعف التساقطات المطرية في2020 .
وفشلت الحكومة، في تخليص الإنتاج الزراعي من الارتهان للتساقطات المطرية، بل إن حصة الزراعة في الناتج الإجمالي المحلي لم تتجاوز 15%، رغم دعم الاستثمارات في القطاع، حيث توقعت المندوبية السامية للتخطيط، أن معدل النمو الاقتصادي في المغرب مرجح للنمو بنسبة 3.5% من الناتج الإجمالي المحلي، شريطة مستوى أداء القطاع الزراعي.
ودفعت هذه التطورات على المستوى الفلاحي بالمغرب، الحكومة الى تخصيص المجلس الحكومي المقبل، للاستماع الى عرض لوزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، حول أهم محاور الاستراتيجية الجديدة للتنمية الفلاحية “الجيل الأخضر 2020-2030” المقدمة أمام جلالة الملك محمد السادس.
وجاء تحديد مجلس حكومي، لتدارس المشروع الملكي الجديد “الجيل الأخضر”، لإنقاذ الفلاحة المغربية، بعد فشل المبادرات والمخططات الحكومية، والتركيز على المشروع الملكي الجديد، الذي جاء برؤى وإجراءات جديدة ستمكن من انقاذ الفلاحة المغربية.
وكان فشل سياسة عزيز أخنوش وزير الفلاحة، وعجزه عن تحقيق رؤية مخطط المغرب الأخضر بإنتاج “75 مليون قنطار” من الحبوب، دفع المغرب الى التوجه نحو استيراد 3.8 مليون طن من القمح اللين لسنة 2020، بعدما استورد العام الماضي 1.4 مليون طن من القمح، حيث فتح المكتب الوطني للحبوب والقطاني، نتائج الأظرفة الخاصة بطلب العروض الذي يهم استيراد 576 ألف طن من القمح اللين من الاتحاد الأوروبي ، و 45 ألف طن من القح الصلب، بما يمثل أكثر من 6,21 مليون قنطار، وذلك بعد عجز “سياسية عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري عن إنجاح مخطط المغرب الأخضر، وبرامج الري والتدبير الجيد للموارد المائية وتسخيرها في الزراعة، على إثر تحذيرات المجلس الأعلى للحسابات من فشل المخطط الاخضر وبرامج أخنوش.
وجعل فشل المخطط الأخضر، بالدولة تتجه الى خفض الرسم الجمركي على استيراد القمح اللين من 135 إلى 30 في المائة، حيث بررت الحكومة ذلك بارتفاع للمخزون العالمي من الحبوب، خاصة لدى الدول المصدرة للمغرب، حيث بلغ المخزون من القمح اللين في شهر شتنبر 2019 حوالي 10,5 مليون قنطار، بما يعادل 2,7 شهر من احتياجات المطاحن الصناعية، على إثر اعلان وزارة الفلاحة والصيد البحري، عن تسجيل محصول للحبوب يناهز 52 قنطارا، والعجز عن تحقيق رؤية مخطط المغرب الأخضر بتوفير “75 مليون قنطار”.
وكان المجلس الأعلى للحسابات، دعا الى إعادة النظر في عملية إعداد برامج توسيع الري من خلال وضع أهداف قابلة للتحقيق بمراعاة الوسائل المتاحة وذلك في إطار متعدد السنوات معتمد من طرف الحكومة، و تحديد الأولويات بين المشاريع المبرمجة من أجل إعطاء الأسبقية لأكثرها قابلية للإنجاز على المستوى التقني والمالي والأفضل تحقيقا لمنافع اجتماعية واقتصادية، و تأمين تمويل مستدام لعدة سنوات لبرامج توسيع الري من أجل تقليص الفجوة بين المياه المعبأة في السدود ومشاريع التهيئة الهيدروفلاحية، و ضمان التشغيل الكامل للمدارات السقوية المجهزة، بالتقليص من التأخير في تزويد المدارات المجهزة بالماء، و تقديم حلول عملية للقضايا الهيكلية التي تؤثر سلبا على مشاريع توسيع الري بما في ذلك ضم الأراضي، وضعف تسعير خدمة المياه واستخلاص إتاوات مياه السقي، و العمل على إدراج عنصر إدارة المخاطر في الدراسات من أجل استباق المشاكل التي قد تعرقل إنجاز المشاريع، و معالجة أوجه القصور في توجيه وتتبع وإدارة المشاريع، و إعداد برنامج لتقوية قدرات الموارد البشرية في مجال إدارة المشاريع، و تطوير بعض الجوانب المتعلقة بالمساعدة التقنية، لا سيما تلك المتعلقة برصد الخدمات المقدمة والتقارير ونقل المعرفة، و العمل على تدبير أفضل للوثائق المتعلقة بالمشاريع من خلال وضع نظام لأرشفتها وتوفير نظام معلومات لإدارتها مع اتاحة الربط به على المستوى المحلي والمركزي.
من جهتها وزارة الفلاحة، دافعت الوزارة على مبادراتها في كونها خصصت موفورات تقدر بـ 2,2 مليون قنطار من البذور المختارة مع اعتماد أثمنة تحفيزية عبر تسويقها بأثمنة بيع مدعمة تصل إلى 175 درهم للقنطار بالنسبة للقمح اللين، و195 درهم للقنطار بالنسبة للقمح الصلب، و345 درهم للقنطار بالنسبة للشعير، و تعزيز قدرة التخزين من خلال تشغيل مركز التخزين الجديد لبركان وتأجير المستودعات الخاصة. كما سيتم تعزيز قناة التسويق في إطار عقود مع الموزعين الخواص لرفع نقط البيع من 350 إلى 500 نقطة بيع، و ضمان تزويد السوق بما يناهز 680 ألف طن مع الحفاظ على نفس مستويات الأثمنة المسجلة خلال الموسم الفارط. ومن أجل الاستخدام الرشيد والملائم للأسمدة، سيتم استغلال نتائج خرائط خصوبة التربة “8,7 مليون هكتار” مع تعزيز الاستشارة الفلاحية.
وفيما يتعلق بحقينة السدود ذات الأغراض الفلاحية، فتبلغ حاليا 45 في المائة عوض 57 بالمائة في نفس الفترة من الموسم السابق. ونظرا للنقص في المياه، لفتت الوزارة الانتباه إلى الحاجة لترشيد موفورات المياه على مستوى المدارات السقوية، كما ستبرمج حملات تحسيسية لفائدة الفلاحين.
وقالت الوزارة، انه من بين التدابير الأخرى المتخذة فيما يتعلق بالري، تمت برمجة مساحة 487 ألف هكتار للري بالدوائر الكبرى، منها 23 في المائة لفائدة الحبوب، ومواصلة أشغال البرنامج الوطني لتوسيع السقي على مساحة 85 ألف هكتار بسافلة السدود المنجزة أو المبرمجة، وتتضمن التدابيرمواصلة تنفيذ البرنامج الوطني للاقتصاد في ماء السقي عبر برمجة تجهيز الضيعات الفلاحية بنظام الري الموضعي على مساحة إضافية تقدر بـ 50 ألف هكتار، لتصل المساحة الإجمالية إلى 635 ألف هكتار، وإنهاء أشغال عصرنة شبكات الري من أجل التحويل الجماعي إلى الري الموضعي على مساحة 120 ألف هكتار.
وسجلت الوزارة أن مبلغ الإعانات المرتقب لسنة 2020 يبلغ حوالي 3.91 مليار درهم “أي زائد واحد في المائة مقارنة مع 2019” لاستثمار إجمالي قدره 8 مليار درهم.