منذ إدخالها إلى كوبا قبل عامين، بدلت شبكة الإنترنت المحمول الحياة اليومية لكثيرين، مع تأثيرات تطال شتى المجالات الإقتصادية والاجتماعية في بلد لا يزال كثير من سكانه يتجنبون المجاهرة بأفكارهم خشية التعرض للعقاب.
وقبل فض الشرطة للاعتصام، كان ألفا مستخدم يتابعون مباشرة الأحاديث التي دارت بين هؤلاء الناشطين الـ14 وأطباء أتوا لمعاينتهم.
وفي اليوم التالي، ومع انتشار الصور والرسائل من قلب الاعتصام عبر شبكات التواصل الاجتماعي، تجمع حوالى 300 فنان، بعضهم معروفون، بصورة عفوية قبالة مقر وزارة الثقافة للمطالبة بتعزيز حرية التعبير، في تحرك غير مسبوق في تاريخ كوبا الحديث.
ففي هذه الجزيرة، قلما يجري الإعلان مسبقا عن مواعيد للتظاهر، كما أن أي محاولة في هذا المجال تصطدم بطوق أمني مشدد من السلطات. لكن هذا التحرك كان مباغتا للسلطات.
قبل نشر شبكة الإنترنت المحمول في كوبا في كانون الأول/ديسمبر 2018، لم يكن الولوج إلى الخدمات الإلكترونية منذ إتاحتها سنة 2015، ممكنا سوى من خلال أجهزة إرسال للإنترنت اللاسلكي مقامة في المتنزهات أو الساحات العامة. وكان أشخاص كثر يتشاركون الاتصال بالشبكة في هذه المواقع خصوصا في فترات العصر ما يؤدي إلى بطء كبير وتقط ع في الخدمة.
غير أن هذه الصورة باتت من الماضي، فمع شبكة الجيل الثالث ثم الجيل الرابع، يستخدم 11,2 مليون نسمة في كوبا الإنترنت عبر هواتفهم راهنا .
وتقول مارتا إن انتشار الإنترنت المحمول دعمها في نشاطها التجاري في خدمة توصيل الطعام. أما ياسر فقد نجح في إنشاء مجتمع من سائقي الدراجات الهوائية عبر الإنترنت، فيما ذاقت كاميلا طعم الحرية لكن ما نشرته جلب لها المتاعب.
وتقول مارتا ديوس (32 عاما) صاحبة شركة “مانداو” لتوصيل الطعام “بوضوح، غي ر ذلك حياتنا، يبدو ذلك لنا طبيعيا جدا. أحيانا أستذكر أن كل هذا لم يكن موجودا عندنا قبل عامين وأقول كيف كان ذلك ممكنا؟ “.
وفي هذه الجزيرة حيث يشك ل انقطاع المنتجات تحديا دائما للسكان، باتت المجموعات عبر “واتساب” و”تلغرام” ممرا إلزاميا للبحث عن الأطعمة أو الوقود.
وتتيح مجموعات بيع المنتجات أو مقايضتها بين الأفراد، كما يسمح للكوبيين إيجاد الأدوية المقطوعة من الصيدليات، بعدما كان الكوبيون يعتمدون على ما يسمعونه من أخبار متداولة لإيجاد ضالتهم.
ويوضح ريكاردو توريس أستاذ الاقتصاد في جامعة هافانا “بات إيجاد شخص يملك أمرا أحتاج إليه أمرا أسهل بكثير، فمن دون هذه المجموعات لكان ذلك مستحيلا وكان يتعين الاعتماد على الصدفة”.
وقد رافقت الدولة الكوبية هذه الحركة من خلال إنشاء تطبيقات لتحويل الأموال أو دفع الفواتير وموقع للتسوق الإلكتروني.
وقد ساهم انتشار الإنترنت المحمول في تعزيز مبادرات المجتمع المدني، كما حصل في الحملات التي نظمها سكان عبر شبكات التواصل الاجتماعي لتقديم مساعدات طارئة للمتضررين جراء الإعصار الذي ضرب البلاد في كانون الثاني/يناير 2019، من دون انتظار تحرك الدولة كما كان يحصل سابقا.
واضطرت الحكومة أحيانا إلى تفعيل مجموعات عمل في ظل التعبئة الإلكترونية حيال قضايا مختلفة بينها العنف ضد النساء أو مسائل مرتبطة بالرفق بالحيوانات، وهو موضوع قانون قيد النقاش في البلاد حاليا.
وقد جعل الرئيس الكوبي ميغيل دياز-كانيل، الموجود في السلطة منذ 2018، من تعزيز انتشار خدمات المعلوماتية في كوبا أولوية لحكومته، وهو فتح