كشف تقرير تحليلي صادر عن مؤسسة أكسفورد أناليتيكا أن الجزائر تبذل جهودًا حثيثة للتقارب مع الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب، عبر التعبير عن استعدادها الكامل للتعاون مع واشنطن في مجالات عدة، لا سيما في المجال الأمني والعسكري.
وأشار التقرير إلى أن الجزائر وقعت في فبراير الماضي مذكرة تفاهم “غير مسبوقة” مع الولايات المتحدة لتعزيز التعاون العسكري، في خطوة تهدف إلى تحسين العلاقات بين البلدين. كما لفت إلى أن الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، أشاد في مقابلة تلفزيونية بالرئيس الأمريكي ترامب بعد إعادة انتخابه، في محاولة واضحة للتقارب مع البيت الأبيض.
التقارب الجزائري الأمريكي وموقف واشنطن من الصحراء
وفقًا للتقرير، فإن تبون أكد في نفس المقابلة أن الجزائر لا تزود جبهة البوليساريو الانفصالية بالسلاح، في محاولة لإظهار التزام الجزائر بالاستقرار الإقليمي. ويأتي هذا في ظل استمرار النزاع بين المغرب والجزائر حول قضية الصحراء، حيث يتمسك المغرب بسيادته على الإقليم بدعم أمريكي منذ اعتراف ترامب بذلك في 2020.
ويرى التقرير أن الجزائر تحاول تجنب أي رد فعل سلبي من قبل إدارة ترامب بشأن موقفها من قضية الصحراء، خاصة في ظل استمرار التوتر بين البلدين الجارين.
السباق نحو التسلح بين المغرب والجزائر
سلط التقرير الضوء على سباق التسلح المستمر بين المغرب والجزائر، حيث تمتلك الجزائر تفوقًا في عدد العتاد العسكري، إلا أن المغرب يتميز بميزتين رئيسيتين، الأولى تتعلق بتحديث جيشه بشكل أسرع بفضل اقتناء أسلحة متطورة من الولايات المتحدة، بما في ذلك أنظمة الحرب الإلكترونية والطائرات بدون طيار والدفاعات الجوية.
أما الميزة الثانية فتتمثل في التعاون العسكري والاستخباراتي الوثيق بين المغرب وإسرائيل، مما يمنحه تفوقًا نوعيًا في مجال التكنولوجيا العسكرية المتقدمة.
سيناريوهات التعامل الأمريكي مع النزاع المغربي الجزائري
توقع التقرير احتمال حدوث أحد سيناريوهين فيما يتعلق بموقف إدارة ترامب من التوتر المغربي الجزائري. السيناريو الأول هو انسحاب واشنطن من المنطقة، معتبرة أنها ليست ذات أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة لمصالحها. أما السيناريو الثاني، فيتمثل في دعم واشنطن العلني للمغرب، انسجامًا مع موقف ترامب في ديسمبر 2020 والتصريحات السابقة لسيناتور ماركو روبيو.
وفي كلتا الحالتين، يرى التقرير أن أحد هذين الخيارين قد يساهم في إزالة عقبة رئيسية أمام التصعيد غير المقصود في المنطقة، إذ من غير المرجح أن تتدخل إدارة ترامب لخفض التوترات كما فعلت الإدارة السابقة.
استبعاد الحرب لكن المخاطر قائمة
على الرغم من استبعاد التقرير لاحتمال اندلاع صراع مباشر بين المغرب والجزائر، إلا أنه حذر من تزايد المخاطر في السنوات القادمة، في ظل استمرار الإنفاق العسكري المتزايد، وارتفاع حدة الخطاب العدائي بين الجانبين، المدفوع بحملات إعلامية ومعلومات مضللة منتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي ظل هذه التطورات، تبقى المنطقة مرشحة لمزيد من التوتر، وسط ترقب لما ستؤول إليه توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة، وما إذا كانت ستلعب دورًا فاعلًا في تهدئة الأوضاع، أو ستترك الأمور تتجه نحو مزيد من التعقيد.