قررت حكومة أخنوش، اللجوء الى الاستدانة من الخارج من أجل تحقيق الأمن الغذائي، وذهبت الحكومة الى إبرام صفقتين مع البنك الإفريقي للتنمية بهدف دعم الفلاحة والحماية الاجتماعية، حيث ستحصل الحكومة على قرض بقيمته حوالي 292 مليون دولار على مرحلتين، وسيحصل المغرب بموجب الاتفاقية الأولى على قرض بقيمة 198 مليون دولار لتنفيذ إصلاحات تهدف إلى تطوير إنتاجية ومرون زراعة الحبوب لضمان الأمن الغذائي وتقليل اعتماد البلاد على واردات الحبوب، أما الصفقة الثانية فتتضمن قرضا بقيمة 944 مليون درهم لاستخدمه في دعم مشروع تعميم الحماية الاجتماعية كأولوية، ولاسيما تحقيق التغطية الصحية الشاملة وتعميم دعم الأسر.
و كشف تقرير مجلس المستشارين حول الأمن الغذائي بالمغرب، وجود عدة تحديات واختلالات تواجه ضمان الأمن الغذائي للمغاربة، وعلى رأسها عدم تحقيق الاكتفاء الذاتي في المواد الأساسية، وارتفاع الواردات الغذائية على حساب الصادرات.
جاء في النقرير، انه ” إذا كان قطاع الحبوب إحدى الضمانات الأساسية لتحقيق الأمن الغذائي بالمغرب، حيث تشكل الحبوب الغذاء الأساسي لمجموع الساكنة، فإن هذا القطاع يعاني، من عدة إشكالات، على رأسها ارتفاع حجم الواردات”.
وأشار التقرير إلى أن القمح ظل على رأس الواردات المغربية طيلة السنوات العشر الماضية، حيث نستورد نصف حاجياتنا، مما يعني أن مؤشر إنتاج الحبوب يسائل المنظومة الغذائية بالمغرب، وقدرتها على تحقيق الديمومة الاستراتيجية لهذا المكون.
وإلى جانب ارتفاع حجم الواردات، أبرز التقرير أن القطاع يعاني من تدهور جودة الحبوب وظروف التخزين غير الملائمة، وتعدد الوسطاء.
ولا يختلف قطاع السكر كثيرا عن الحبوب، حيث يلجأ المغرب إلى الاستيراد لسد حاجياته، ويتنامى حجم الواردات من هذه المادة، مع الانخفاض الكبير المسجل في المساحات المزروعة المخصصة للسكر.
ولفت التقرير البرلماني إلى أن المغرب يحقق الاكتفاء الذاتي في منتجات اللحوم والحليب والسمك، لكنه يسجل عجزا كليا على مستوى إنتاج الزيوت، كما أن التغطية بالنسبة لزيت الزيتون تظل ضعيفة، وتظل المؤشرات ذات الصلة بالحالة الغذائية، خصوصا تلك المتعلقة بالهزال والتقزم ونقص الوزن وانتشار فقر الدم بين الأطفال، والنقص في مادة الحديد، مؤشرات مقلقة على الرغم من الانخفاض الملموس في بعض مكوناتها، كما أن نقص اليود عند النساء في سن الإنجاب يعتبر مشكلا صحيا بالمغرب.
و سجل التقرير أن الأمن الغذائي بالمغرب يواجه عجزا واضحا على مستوى طاقات التخزين وتكوين المخزونات الاحتياطية، وهيمنة التخزين للتقليدي، وحتى سلسلة إنتاج الفواكه والخضر بدورها تعاني حملة من الاختلالات، منها مشكل الضياع في المراحل الموالية للحصاد والذي يقدر ب 20 و40 في المئة، وضعف التخزين والنقل، اختلالات جمة بأسواق الجملة.
و تمتد الاختلالات لقطاع إنتاج اللحوم الذي يعاني بدوره من مشاكل مرتبطة بظروف الذبح السيئة، وهو الأمر نفسه بالنسبة لقطاع الدواجن الذي يعاني من غياب التنظيم، وغياب شروط السلامة الصحية بشكل يهدد صحة المستهلك.
وأوصى التقرير بإحداث مؤسسة وطنية مستقلة للسيادة والأمن الغذائي، وتقوية الاكتفاء الغذائي، وتقليص نسبة التبعية الغذائية، لاسيما بالنسبة للمواد الأساسية كالقمح والسكر والزيوت والبذور والأسمدة.
ودعا إلى ضمان الأولوية للمواد الغذائيه الأساسية، واعتماد آلية الإنذار المبكر والاستباقي ضد المخاطر التي تهدد سلاسل الصناعة والإمداد، مع معالجة الاختلالات التي تعاني منها أسواق الجملة، وكذا تجاوز التحديات التي تواجهها سلسلة الحبوب السكر واللحوم الحمراء والدواجن.
و دعت مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة حول الأمن الغذائي بمجلس المستشارين، إلى إحداث آلية وطنية للضبط والتنظيم يعهد إليها التدبير الشمولي للمخزون الاستراتيجي.
وحثت مجموعة العمل في التوصيات المتضمنة في تقريرها النهائي الذي تم عرض مضامينه الاثنين خلال جلسة مناقشة بمجلس المستشارين، على توفير بيئة تشريعية وتنظيمية تهم نظام التدبير وشروط التخزين ومصادر التمويل وغيرها من الضوابط القمينة بإرساء منظومة متكاملة لتدبير وتأمين المخزون الاستراتيجي من المواد الأساسية.
كما أكدت التوصيات ذات الصلة بمجال التخزين على ضرورة اعتماد نظام مراقبة فعال بخصوص كل ما يتعلق بالإمداد بالمخزون الغذائي وكيفية تدبيره، فضلا عن اعتماد آلية الإنذار المبكر والاستباقي ضد المخاطر التي تهدد سلاسل الصناعة والإمداد.
ودعا التقرير أيضا، إلى إعداد نظام شامل لجرد أرصدة مخزون المواد الأساسية، والاهتمام بالعنصر البشري عبر تأهيل قدرات الأشخاص المكلفين بإدارة ومراقبة المخزون لضمان التعامل السليم مع السلع، فضلا عن عصرنة تقنيات ومعدات التخزين من خلال دعم التعاونيات الفلاحية، وتعزيز برامج إحداث وتطوير مستودعات التخزين والتبريد، خصوصا في المناطق التي تعاني من الهشاشة والعزلة.
وفي سياق ذي صلة، أوصت مجموعة العمل الموضوعاتية في ما يخص مجال الحكامة بتعزيز الالتقائية في السياسات العمومية ذات الصلة بالتغذية والغذاء، داعية إلى وضع إطار مؤسساتي، وفق مقاربة منسقة، لإشراك القطاع الخاص ومختلف الأطراف المعنية من أجل تدبير مجال تسويق المنتوجات الفلاحية، لضمان تدبير رشيد للأسواق.
ونادت كذلك، باعتماد إطار تشريعي وتنظيمي للحد من آفة الضياع والهدر الغذائي، لاسيما ما يتعلق بتسويق واستهلاك الخبز، فضلا على تقوية نظم المراقبة الوطنية والترابية الخاصة بالسلامة الغذائية على امتداد سلاسل الإنتاج والاستهلاك، وتقوية نظام المراقبة والتتبع بإعمال أنظمة محكمة على امتداد دورة الإنتاج والتسويق والاستهلاك، خصوصا ما يتعلق بالمنتوجات الفلاحة والحيوانية.
وأوصى التقرير، بتقوية نظم الرصد الغذائي لمواكبة الأهداف الإنمائية للألفية، وملاءمة المؤشرات الوطنية مع المعايير والمتطلبات الجديدة للأمن الغذائي.
وأكدت مجموعة العمل في التوصيات المتضمنة في تقريرها النهائي على تقوية الاكتفاء الغذائي، وتقليص نسبة التبعية الغذائية، لاسيما بالنسبة للمواد الغذائية الأساسية كالقمح والسكر والزيوت والبذور والأسمدة.
كما حثت على ترصيد المجهود الوطني التنموي المبذول، سيما المخططات والبرامج والأوراش الكبرى التي أطلقها المغرب منذ الاستقلال للنهوض بالقطاع الفلاحي، داعية إلى إحداث مؤسسة وطنية مستقلة للسيادة والأمن الغذائي، يعهد لها بتنسيق الاستراتيجيات الوطنية في هذا المجال، وتعنى باليقظة والرصد الاستباقي للأزمات الطارئة والمحتملة التي قد تهدد المنظومات الغذائية، وتتكفل بتحديد واقتراح أنماط التدخل، وتتبع المؤشرات واستشراف التحولات الكبرى المؤثرة على قوة الأمن الغذائي الوطني.
وأوصى تقرير مجموعة العمل أيضا، باعتماد جيل جديد للتجميع الفلاحي من أجل مواجهة حالات الجفاف وغلاء المدخلات وقلة تنظيم السوق الداخلي وصعوبات التسويق الخارجي، إلى جانب الاستمرار في التطوير المبتكر للإطار القانوني للتجميع الفلاحي باعتباره خيارا استراتيجيا للنهوض بالسلاسل الإنتاجية على مستوى النجاعة والمردودية والإنتاجية.
وشملت التوصيات الدعوة إلى تعزيز آليات التمويل والمواكبة والمصاحبة المالية ومنظومة الشمول المالي بالعالم القروي، من أجل تقوية التثبيت الديموغرافي وتعزيز الاستثمار الذاتي وإحداث المقاولات والمساهمة في بناء جيل جديد من الطبقة الوسطى بالعالم القروي.
وأشارت في هذا السياق، إلى أهمية تسريع تنزيل السجل الاجتماعي الموحد من أجل تسهيل مسار إصلاح منظومة المقاصة، بما يمكن من تعزيز آليات الاستهداف الخاصة بالدعم وضمان إطار عادل ومنصف لعمل صندوق المقاصة، مبرزة أن وزارة الداخلية قامت بعمل كبير في ورش السجل الاجتماعي الموحد على المستويات التقنية والرقمية والترابية.
ومن جهة أخرى، أوصى التقرير بترسيخ وتطوير معايير علامات الجودة الخاصة بالمنتوجات الغذائية تتضمن المنشأ والتسمية والبصمة الكربونية، وكذا الاستمرار في تعزيز مسارات تسويق المنتوجات الفلاحية المحلية التي تنتجها التعاونيات.
وطالب بسن قوانين تشريعية وتنظيمية للحد من هدر المنتوجات الفلاحية في مختلف مراحل التوزيع والتخزين والتسويق، فضلا عن وضع آلية وطنية لضبط الكميات الحقيقية التي يتم هدرها.
وبخصوص السلامة الغذائية، دعا تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية إلى تعزيز نظام الادخار الوطني بالنسبة للحبوب، واعتماد نظام رقابي صارم وشفاف بخصوص المخزون الاستراتيجي من القمح.
وحث على وضع نظام فعال لمراقبة نقط البيع والمطاعم الجماعية، وتعزيز أدوات وآليات المراقبة للاستخدام الرشيد لمضادات الميكروبات في الطب البيطري خصوصا لدى الحيوانات المنتجة للأغذية.
وأكد في هذا الإطار، على أهمية سن قواعد تشريعية للاستخدام المناسب للمواد الكيماوية الزراعية لضمان سلامة الأغذية وجودتها واعتماد نظام مراقبة شفاف وفعال، فضلا عن حماية المستهلكين من الدعاية الغذائي والاستهلاك غير السليم وغير الصحي للأغذية.
كما أوصت مجموعة العمل بالارتقاء بمنظومة التدخل لتحسين وضعية التغذية لدى الفئات العمرية الهشة، وبالأخص الرضع والأطفال، وكذا دعم وتكثيف سياسات وبرامج الحماية الاجتماعية الموجهة للفئات الفقيرة والمستضعفة وتوسيع نطاقها.