عندما تقترب الانتخابات يشرع حزب العدالة والتنمية في البكاء. فليست التماسيح هي التي كان يبحث عنها عبد الإله بنكيران، الزعيم السابق للحزب، ولكن التماسيح موجودة داخله، وهي التي تعرف كيف تبكي وتتباكى كلما اقتربت الانتخابات، وتختار أشكالا كثيرة للبكاء، من قبيل تقشير البصل، فهذه الأيام أطلق الحزب لازمة خطيرة مفادها أنه متخوف من “تزوير الانتخابات”. من سيزور الانتخابات ولفائدة من؟
يبدو للمتتبع أن الجهة التي يقصدها الحزب تقف اليوم على مسافة واحدة من جميع الأحزاب، مادامت الآليات الدستورية ضامنة كبيرة لاستمرار المؤسسات والسير الطبيعي لمرافق الدولة، وبالتالي فإن التنافس البرنامجي بين الأحزاب السياسية مطلوب من أجل تجويد عملية تدبير الشأن العام، ولهذا ما يروم الحزب الإسلامي قوله غير منطقي ولا يخضع لقواعد سليمة، لأن وجوده في الحكومة لا يغير بتاتا من ركائز الدولة المغربية، وبالتالي يتساوى في الوجود كل حزب مع الآخر ولا يختلفون إلا في الأداء.
المفروض في الأحزاب الموجودة حاليا في المعارضة هي من تقوم بالبكاء وتتهم الحزب الذي يقود الحكومة بالهيمنة على الأدوات والآليات والتحكم فيها، لكن أصبحنا نسمع من الحزب الأغلبي حديثا عن التحكم، الذي كان عبارة عن توافق بين مجموعة من الأحزاب السياسية بخصوص القاسم الانتخابي، الذي يعتبر نفسه متضررا منه، مع العلم أنه آلية انتخابية يمكن تغييرها في وقت آخر إذا صوت البرلمانيون عليها.
فقد توافقت الأحزاب منذ زمن على حياد السلطة، وهو حياد إيجابي، لا تتدخل السلطة في التنافس بين الأحزاب إلا بما يفيد الانتصار لمظلومية أي حزب سياسي، وذلك من خلال المعاينة بينما الذي يحكم في الخلافات هو القضاء.
الدستور وضع جميع الأدوات تحت تصرف الحكومة، ووضع جميع الإدارات تحت تصرفها، والحكومة يترأسها الأمين العام للعدالة والتنمية، الحزب الفائز بالرتبة الأولى في الانتخابات السابقة، وبالتالي فإن وزير الداخلية، الذي يدير تقنيا وإداريا الانتخابات هو تحت إمرة رئيس الحكومة، وبالتالي على الأحزاب الأخرى أن تتخوف من حزب رئيس الحكومة.
تتفق الأحزاب السياسية اليوم على أن التزوير لم يعد ممكنا، خصوصا وأن كل شيء أصبح إلكترونيا، واللوائح متوفرة اليوم رقميا ويمكن الاطلاع عليها، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، فتح الباب لتسجيل المراقبين المستقلين في العملية الانتخابية، ولكن الأحزاب تتخوف من عدم المساواة في المنافسة وهذا ما عبر عنه الأمناء العامون للأحزاب السياسية، بخصوص أمرين يطغيان على العملية السياسية في المغرب، وهما استغلال أدوات غير انتخابية في تجييش الناخبين، ويتهم بها حزبان حليفان في الحكومة عدوان في الشارع هما حزب العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار. فالأول من خلال استغلال عشرات الجمعيات والثاني من خلال استغلال مؤسسة “جود” وذلك بإمكانيات ليس ممكنا أن تتوفر لباقي الأحزاب السياسية.
لهذا ختاما نقول إن التباكي مثل التماسيح هو آلية انتخابية لدى حزب العدالة والتنمية يسعى من خلالها نيل عطف الناخبين حتى يضمن أصواتهم ليضيفها على أصوات “الناخبين الزبناء”.