كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في تقرير جديد عن عدد من التحديات التي تواجه تطوير منظومة الذكاء الاصطناعي في المغرب، أبرزها غياب إطار تنظيمي خاص بهذه التكنولوجيا، وبطء تحرير المعطيات العمومية، بالإضافة إلى صعوبات تواجه المقاولات الناشئة في الحصول على التمويل، والخصاص الحاد في الكفاءات المتخصصة.
وأشار التقرير إلى أن غياب إطار قانوني وتنظيمي خاص بالذكاء الاصطناعي يمثل أبرز العقبات التي تعرقل تطوير هذا القطاع، موضحاً أن المغرب، رغم توقيعه على اتفاقيات وطنية ودولية تهدف إلى بناء منظومة رقمية شاملة، إلا أن العديد من هذه الالتزامات لم تتحول بعد إلى إجراءات ملموسة على أرض الواقع.
كما أكد المجلس أن تحرير المعطيات العمومية، رغم النص عليه في الدستور وإصدار القانون رقم 31.13، ما زال محدوداً، مما يعيق إتاحة البيانات الضرورية لتطوير الذكاء الاصطناعي. ودعا التقرير إلى تحسين آليات توفير هذه المعطيات لتعزيز قدرات القطاع.
وسلط التقرير الضوء على صعوبة ولوج المقاولات الناشئة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي إلى التمويل، موضحاً أن شروط الاستفادة من المنح، مثل تلك المحددة في ميثاق الاستثمار الجديد، ليست ملائمة لطبيعة هذه المقاولات. وأوضح أن اشتراط خلق أكثر من 50 وظيفة قارة للحصول على الدعم لا يتناسب مع طبيعة الشركات الناشئة في هذا المجال، التي تعتمد غالباً على فرق صغيرة متخصصة وتوجه جهودها نحو البحث والتطوير.
وأضاف التقرير أن نقص الكفاءات المؤهلة في مجال الذكاء الاصطناعي يمثل عائقاً رئيسياً أمام تطوير القطاع، مشيراً إلى أن الحكومة تواجه تحدياً كبيراً في تحقيق أهدافها المتعلقة بزيادة عدد الخريجين في هذا المجال، بسبب نقص المكونين المؤهلين على مختلف المستويات.
كما أشار إلى ضعف حجم الأبحاث المنجزة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تظل معظم المشاريع ذات طابع مجزأ وغير متصلة بالاحتياجات الفعلية للصناعة. ودعا المجلس إلى تعزيز التعاون بين الوسط الأكاديمي والصناعي لتطوير أبحاث تخدم القطاعات الإنتاجية بشكل مباشر.
في ظل هذه التحديات، أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بضرورة الإسراع في وضع إطار قانوني وتنظيمي خاص بالذكاء الاصطناعي، وتعزيز آليات تحرير المعطيات العمومية، وتكييف شروط التمويل مع احتياجات المقاولات الناشئة. كما دعا إلى التركيز على تأهيل الكفاءات وتعزيز التعاون بين مختلف الأطراف لتطوير منظومة ذكاء اصطناعي قادرة على دعم التنمية الاقتصادية بالمغرب.