دخل المغرب مرحلة الوضوح في نهج سياسة دبلوماسية دولية، والتصدي بقوة لـ”تحرشات” الدول تجاه القضية الوطنية، وإختيار مبدأ التكافئ في العلاقات و رفض أدوار “الأستاذية” من قبل الدول الغربية، دفع وزارة الشؤون الخارجية، الى الإعلان عن” تعليق كل علاقة اتصال أو تعاون مع السفارة الألمانية في الرباط ومع كل المؤسسات الألمانية التابعة لها، حيث كشفت مراسلة وجهها ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، إلى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، وعبره إلى باقي أعضاء الحكومة، ” أن هذا القرار جاء بسبب سوء “التفاهم العميق” مع ألمانيا في قضايا أساسية تهم المملكة المغربية”، ودعا بوريطة، في المراسلة ،كل القطاعات الحكومية المغربية إلى وقف كل أنواع الاتصال أو التعاون مع السفارة الألمانية، وكذلك مع منظمات التعاون والمؤسسات السياسية الألمانية التي لها علاقة بالسفارة.
من جهتها قالت وزارة الخارجية في برلين ” لقد أخذنا علما بموضوع تعليق المغرب للاتصال ووقف كل أشكال التعامل مع برلين من خلال التقارير الإعلامية”، وجاء هذا وفقا للموقع الاخباري الألماني “دوتشفيله “، وقال موقع القناة الألمانية، إنه لحدود اللحظة لا توجد أيَّ اتصالات رسمية بين البلدين بخصوص موضوع تعليق الاتصال، ووفقا لنفس المصدر، تصف الخارجية الألمانية العلاقات مع المغرب على موقعها على الإنترنت بأنها ” تقليدية ووثيقة وودية وخالية من التوتر”.
وتمتلك المؤسسات الألمانية “فريدريش إيبرت” و”كونراد أديناور” و”فريدريش ناومان” و”مؤسسة هانريش بول” التابعة للحزب الخضر الألماني مكاتبها الخاصة في الرباط، ويتمتع كلا البلدين بعلاقات اقتصادية وتجارية قوية، حيث رجح المصدر أنه حاليا توجد عدة نقاط خلاف بين الرباط والحكومة الاتحادية، ومن بين أمور أخرى، تسبب الانتقاد الألماني للاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء.
وكان السفير الألماني في الرباط، قال “إن المغرب بلد جوار لأوروبا وشريك مهم لألمانيا في شمال إفريقيا، تنخرط برلين بجانب الرباط في التعامل مع الكثير من المواضيع المستقبلية مثل التحول الطاقي، الهجرة الشرعية في صالح الطرفين”.
و أكد مسؤول رفيع في وزارة الخارجية المغربية لوكالة “فرانس برس”، أن المغرب يريد الحفاظ على علاقاته مع ألمانيا، إلا أنّ القرار هو “بمثابة تنبيه يعبّر عن استياء إزاء مسائل عدة، وأكد المسؤول مساء الإثنين، أن “أي تواصل لن يحصل ما لم يتم تقديم أجوبة على أسئلة مختلفة تم طرحها”.
ومن القضايا الخلافية بين البلدين بحسب المسؤول المغربي، موقف ألمانيا بشأن الصحراء، وانتقادها قرار الولايات المتحدة الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، كما واستبعاد الرباط من المفاوضات حول مستقبل ليبيا خلال مؤتمر نظّمته برلين في يناير 2020.
وقرّرت الرباط “تعليق كل أشكال التواصل والتفاعل والتعاون في جميع الحالات وبأيّ شكل من الأشكال مع السفارة الألمانية وهيئات التعاون الألمانية والمؤسسات السياسية التابعة لها”.
وكان وزير الخارجية المغربي قد رحّب مطلع دجنبر في بيان بـ”التعاون الثنائي الممتاز بين البلدين”، عقب محادثات هاتفية أجراها مع وزير التعاون الاقتصادي والتنمية الألماني غيرد مولر، وجاءت المحادثات بعيد موافقة ألمانيا على تقديم دعم مالي للمغرب بـ1,387 مليار أورو، بينها 202,6 مليون أورو هبات، على أن يقدّم التمويل المتبقي على شكل قروض ميسّرة، وذلك في إطار دعم إصلاح النظام المالي المغربي ومساعدة السلطات في التصدّي لفيروس كورونا.