إبتدأت خيوط التنظيم الإرهابي تنسل من بين تنظيمات مرتزقة “البوليساريو”، وإفتضحت توجهات الجبهة “الإرهابية” أمام العالم والدول الأوروبية، مع سقوط المرتزقة في أيدي الشرطة الإسبانية بتهم الإرهاب و الترويج لأعمال إرهابية، وجاء إعلان الشرطة الإسبانية، عن توقيف ناشط في البوليساريو بتهمة التحريض على أعمال إرهابية ضد مؤسسات مغربية في إسبانيا وخارجها، النقطة التي أفاضت كأس المنظمة الانفصالية وتوجهها نحو الإرهاب لتنفيذ مخططات وأجندات جنرالات الجزائر ضد المغرب.
وكشفت الشرطة الإسبانية،”أن الشخص الموقوف “متطرف للغاية واستخدم ملفات شخصية على شبكات التواصل الاجتماعي للتحريض على تنفيذ أعمال إرهابية ضد أفراد ومؤسسات مغربية في إسبانيا وخارجها، و والشخص الذي جرى اعتقاله، معروف في أوساط المهاجرين بإسبانيا بدعمه لجبهة “البوليساريو”، وسبق أن صدرت عنه تهديدات صريحة بإمكانية تنفيذه عملية إرهابية، وحسب الشرطة الإسبانية فإن المتهم “معروف بنشاطه المكثف على شبكات التواصل الاجتماعي، وأدار العديد من الحسابات ويحظى بعدد كبير من المتابعين الإسبان والأجانب، يصل عددهم إلى أكثر من 20 ألف شخص”.
ونشر العنصر الانفصالي على حسابه الشخصي مقاطع فيديو تدعو بشكل مباشر إلى ارتكاب أعمال إرهابية ضد المؤيدين لأطروحة المغرب، وقال إنه مستعد لارتكابها بنفسه، وأوضحت الشرطة الإسبانية أن اعتقاله جاء بالنظر إلى “خطورة منشوراته، وكذلك لقدرته على التأثير في متابعيه على شبكات التواصل الاجتماعي، وضبطت الشرطة الإسبانية خلال عملية تفتيش منزل الموقوف، الإثنين الماضي، كمية كبيرة من المعدات والوسائط الإلكترونية والوثائق ذات الأهمية الكبيرة التي يتم تحليلها من قبل الدوائر المتخصصة.
وكان القضاء الإسباني أمر بعد المعطيات الأولية المتوفرة بإلقاء القبض على هذا الشخص ووضعه بالسجن بسبب التهم الثقيلة التي تلاحقه، وسبق للسلطات المغربية أن حذرت في مناسبات عدة من تجنيد جماعات مسلحة لعناصر من جبهة البوليساريو، خصوصا في منطقة الساحل والصحراء.
وكشف مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الشرقاوي حبوب، في تصريحات صحافية، أن أزيد من 100 انفصالي ينتمون إلى جبهة “البوليساريو” ينشطون في صفوف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
وتزامن سقوط الإنفصاليين المتهمين بالارهاب، مع ما يعرفه البرلمان الأوروبي من تسليط الضوء على ظاهرة تجنيد الأطفال من طرف “البوليساريو” تحت إشراف الجيش الجزائري، والتي ما فتئت تلقى إدانة المنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، وذلك من خلال سؤال مع طلب تقديم رد مكتوب أرسلته مجموعة من أعضاء البرلمان الأوروبي إلى الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل.
وتأتي هذه المساءلة بعد فترة وجيزة من انعقاد الدورة الـ 46 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، التي شكلت مناسبة للعديد من النشطاء والمنظمات الحقوقية من أجل التنديد بالانتهاكات المرتكبة في حق الأطفال بمخيمات تندوف في الجزائر، وتجنيدهم القسري في صفوف ميليشيات “البوليساريو”.
وحسب مجموعة البرلمانيين الأوروبيين، فإن أزلام “البوليساريو” لا يتوانون عن تجنيد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و13 عاما كجنود وجعلهم يظهرون في عروض عسكرية، وأوضح النواب الأوروبيون أن عددا من المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام الدولية، استنكرت “هذه الممارسة البغيضة التي تنتهك الحقوق الأساسية للأطفال”، وأضافوا أن وسائل إعلام أوروبية نشرت مقالات معززة بالصور ومقاطع الفيديو تظهر أطفالا يرتدون الزي العسكري، يشاركون في عرض عسكري على التراب الجزائري.
وأكد البرلمانيون الأوروبيون أن هذه الصور ومقاطع الفيديو، “تشهد على الحجم المتزايد والمقلق لهذه الظاهرة في مخيمات تندوف بالجزائر، واستنادا على هذه الدلائل القاطعة، قام أعضاء البرلمان الأوروبي بمساءلة السيد بوريل حول التدابير التي تعتزم المصلحة الأوروبية للعمل الخارجي اتخاذها من أجل حماية حقوق هؤلاء الأطفال في المعسكرات والحيلولة دون استغلالهم في المستقبل.
كما استفسر أعضاء البرلمان الأوروبي الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بشأن الإجراءات التي يعتزم اتخاذها لإجبار الجزائر على احترام التزاماتها الدولية فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الأطفال المرتكبة على أراضيها.
من جهته أكد إيمانويل دوبوي، رئيس معهد المستقبل والأمن في أوروبا، وهي مجموعة تفكير متخصصة في القضايا الجيوسياسية والجيواستراتيجية، تتخذ من باريس مقرا لها، أن “البوليساريو” تشكل خطرا “داهما” على أبواب أوروبا، وبأن الدول الأوروبية تهتم على نحو خاص بالتهديد الذي يمثله هذا “الكيان”، لاسيما في ظل “العلاقات التي يقيمها على مستوى منطقة الساحل والصحراء”.
وفي حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، عشية ندوة افتراضية حول موضوع “تهديد “البوليساريو” للمنطقة الأورو-متوسطية.. مسؤولية جزائرية ثابتة”، ينظمها معهد المستقبل والأمن في أوروبا بشكل مشترك مع معهد مانديلا، قال السيد دوبوي إن وجود زعيم تنظيم “الدولة الإسلامية” في الصحراء الكبرى أبو وليد الصحراوي، الذي أعلن ولاءه لـ “داعش” من أجل إنشاء هذا التنظيم الإرهابي في ماي 2015، هو أحد العناصر التي من أجلها يتعبأ المجتمع الدولي، لاسيما الدول المشاركة في عملية برخان”.
وأوضح الخبير الجيوسياسي أنه على الرغم من كون قضية الإرهاب في منطقة الساحل “لا تهم بالضرورة جميع البلدان الأوروبية (…)، إلا أنه توجد لدى هذه البلدان يقظة ووعي بالترابط الذي يتجسد من خلال نشطاء إرهابيين يعبرون على طول منطقة الساحل والصحراء. وأبرز أن هذا يشكل على الخصوص حقيقة ماثلة لدى “البلدان المعنية أكثر بقضايا الإرهاب، أي تلك التي تعرضت لهجمات إرهابية، من قبيل بريطانيا أثناء هجمات لندن في العام 2005، وإسبانيا في 2004، وعشر سنوات بعدها الهجمات التي استهدفت فرنسا. كما تعرضت دول أخرى للإرهاب مثل السويد وبلجيكا وألمانيا”.
وبحسب رئيس المعهد، كثيرون هم المنخرطون في مكافحة الإرهاب ولكن لا يلتزم الجميع على نفس المستوى”، مبرزا المستويات المتفاوتة بين الدول الأوروبية في العمل العسكري ضد الجماعات الإرهابية المسلحة بالمنطقة.
وحذر ، من أن الجماعات الإرهابية تريد توسيع مسرح عملياتها. وقال “نحن على يقين من أنه كانت هناك عدة محاولات لاختراق السنغال في فبراير 2020، وقبل أيام قليلة من قمة نجامينا، ومتيقنون من أن الجماعات الإرهابية كانت تزود خطة تطوير نشاطها العسكري وقدرتها على إلحاق الضرر بفضاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا برمته، ومن خلال استهداف دول خليج غينيا على وجه الخصوص.
واعتبر أنه لهذا السبب يتطلب تحقيق الاستقرار في منطقة الساحل والصحراء ومكافحة الجماعات الإرهابية المستفحلة، “تقارب وجهات النظر” و”انخراطا حقيقيا لمنظمات تم إنشاؤها لتعزيز الانسجام بين الدول، لاسيما تجمع دول الساحل والصحراء والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا”، معربا عن أسفه لكون عدد معين من البلدان لا تنتمي إلى كل هذه المنظمات، وهو الحال بالنسبة الجزائر التي ليست عضوا في تجمع دول الساحل والصحراء.
وخلص إلى القول إن “كل هذا هو عامل قوي يضفي الشرعية ليشمل بلدانا، مثل المغرب، التي تبدي انشغالا بشأن استقرار وأمن جنوبها، أي الصحراء، ولهذا السبب يعتبر التعاون لمكافحة الإرهاب بين فرنسا وإسبانيا والمغرب موضع ترحيب خاص”.