عاد عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إلى مدفعيته ليطلق النار على خصومه بل حتى على من يفترض أن يكونوا اليوم في صف واحد بعد خروجهم إلى المعارضة، فبعد أن قال إن أخنوش هزمه بالبريكول، عاد، خلال لقاء مع الكتاب الإقليميين، ليصوب مدفعيته تجاه إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، ووصفه بالغدار.
بنكيران كشف عن أمر يُعرف لأول مرة، وهو أنه عرض على زعيم الاتحاديين أن يحصل على ثلاث وزارات، غير أن الاتحاد الاشتراكي بعد خروج بنكيران من رئاسة الحكومة لم يحصل سوى على وزارة واحدة، كان الكاتب الأول يطمع فيها لهذا فصّلها على مقاسه، فبعد أن كان معروضا عليه وزارة الثقافة والشباب والرياضة وكتابة دولة، اقترح هو وزارة العدل لأنها تناسبه بصفته محاميا، لكن كان للمفاوضات رأي آخر فأخرجت له بنعبد القادر “من الجنب” ولم يحصل على شيء. فيكون بذلك ضيّع الثلاث مع بنكيران وضيّع الاثنتين مع أخنوش.
تبادل الاتهامات وتصويب المدفعية معروفة في المشهد السياسي، وكان بنكيران وصل إلى مستويات دنيا عندما كان يصف زعيما سياسيا مختفيا حاليا بـ”الصلكوط”، لكن ليس كل ما يقوله لا يتضمن الحقيقة، فكون لشكر تمسك بمصلحة خاصة يمكن الاستدلال عليها بما وقع خلال تشكيل الحكومة الأخيرة حيث عرض نفسه قبل أن “يعرض” عليه أحد أي شيء، وكان الغرض هو ضمان جزء من القسمة لأقاربه.
غير مهم صواب أم خطأ ما قاله بنكيران، لكن ما حدث يعتبر نهاية معارضة غير طبيعية. كان بين العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية نوع من التنسيق وقد تقدموا مجتمعين بتعديلات على قانون المالية، واليوم ظهر أنه لا يمكن أن تصنع معارضة، لأن المعارضة ليست موقعا بعد أن يتم تأليف التحالف الحكومي وبعد توزيع الحقائب وليست أن تكون المعارضة بعد اليأس من دخول الحكومة في أدنى تعديل أو أقربه على الأصح.
المعارضة حقيقة هي اختيار ووجود حر أي إن الحزب وبعد الكلمة الأولى أو قبلها يفهم أنه لا يمكن أن يلتقي مع تحالف من نوع معين، فما الذي يجمع “الاشتراكي” (كذا) على الليبرالي صاحب نظرة رأسمالية؟ في أي شيء سوف يتفقون؟ هم يختلفون في التصور للمجتمع فكيف يجتمعون؟
نعرف أن ما قلناه في الفقرة السابقة غير واقعي وحالم لأن الاشتراكية “مشات مع مواليها”، ولم يبق سوى عنوان حزب يلعب فيه الكاتب الأول دور الزعيم والبطل لكن بعد أن أضعفه وجعله هينا على الناس، يوم كان الاتحاد اتحادا واشتراكيا وحزبا للقوات الشعبية لم يكن أمثال بنكيران يرفعون العين في زعمائه بل يختبئون لما يروهم، أما وقد حصل الذي حصل فلا عيب أن يتطاول عليه بنكيران وغير بنكيران فليس العيب فيهم ولكن فيمن قتل حزب القوات الشعبية وحرمها من سند وظهر تتكئ عليه في مواجهة توحش الرأسمالية.