دخل المجلس الأعلى للسطلة القضائية، مرحلة جديدة في تفعيل مبدأ المحاسبة وربطها بالمسؤولية، بعدما تمكن المجلس من طرح مدونة جديدة الأخلاقيات القضاة، حيث أصدر المجلس مقررات تأديبية في حق 15 قاضيا تمت إحالتهم على المجلس، و تمت تبرئة 2 واصدار عقوبات في حق 13 قاضي، من بينهم اثنان من القضاة الذين كانوا متابعين بسبب تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وشدد المجلس، على أنه أصدر قراراته بعد دراسة التقارير والوثائق المدرجة في الملفات دراسة معمقة وشاملة، والاستماع إلى القضاة المعنيين والمناقشة المستفيضة لهذه القضايا، فقرر المجلس الأعلى للسلطة القضائية تبرئة قاضيين اثنين من المنسوب إليهما، واتخاذ عقوبات تأديبية في حق 13 قاضيا.
وتضمنت العقوبات توجيه إنذار إلى 7 قضاة، والإنذار مع النقل لقاض واحد، والتوبيخ لاثنين، والإقصاء المؤقت لمدة شهر واحد مع النقل في حق قاض واحد، فيما صدرت عقوبة العزل في حق قاضيين.
وجاء العقوبات اثنين من القضاة الأربعة الخاضعين لمتابعة تأديبية، بسبب تدويناتهم على “فايسبوك”، التي اعتبرها المجلس مخلة بواجب التحفظ، حيث تمت تبرئة اثنين ومعاقبة الإثنين الآخرين، و معاقبة أولهما بالتوبيخ، وآخر بتوجيه إنذار له.
و صدرت القرارات بعد استيفاء جميع إجراءات المسطرة التأديبية واحترام تام للضمانات القانونية، وباستحضار المقاربة التأطيرية والتوجيهية، التي اعتمدها المجلس كمنهجية عمل في هذا الإطار.
و كان المجلس الأعلى للسلطة القضائية، كشف عن متابعة أربعة قضاة بتهم “الإخلال بالتزامات مهنية، و بعدم الالتزام بواجب التحفظ والأخلاقيات القضائية”، حيث عقد المجلس اجتماعا لمناقشة قضايا تتعلق بالوضعيات المهنية الفردية للقضاة، موضحا، ” أنه قد تمت مناقشة هذه القضايا كالعادة في احترام تام للمساطر والضمانات القانونية، وباستحضار المقاربة التأطيرية والتوجيهية، التي أعلن عنها المجلس في بلاغاته السابقة”.
وأكد المجلس، حرصه على تمتيع القضاة بحقهم في حرية التعبير عن آرائهم، دون الإخلال بواجب التحفظ والالتزام بالمبادئ الناظمة للمهنة، وفي مقدمتها استقلال القضاء والحياد والتجرد والتمسك بالنزاهة، وكذلك احترام أخلاقيات المهنة وأعرافها وتقاليدها، كما هي منصوص عليها في الدستور والنظام الأساسي للقضاة ومدونة الأخلاقيات، وكما تحددها الأعراف والتقاليد القضائية في مسايرتها للتطور الطبيعي داخل المجتمع.
وكانت ظهائر التعيين الشريفة، حددت ملامح المرحلة الجديدة من عمل و مهام الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ومنصب رئيس النيابة العامة و الوكيل العام للملك بمحكمة النقض، و حملت ظهائر التعيين الشريفة، توجيهات ملكية سامية للاستمرار في مسار إصلاح القضاء تنزيلا لمبادئ دولة الحق و القانون، حيث جاء في ظهير تعيين محمد عبد النباوي رئيسا منتدباً للمجلس الأعلى للقضاء، رئيسا أول لمحكمة النقض، و “يعلم من ظهيرنا الشريف هذا، أسماه الله وأعز أمره أننا أصدرنا أمرنا المولوي بتعيين السيد محمد عبد النباوي في منصب الرئيس الأول لمحكمة النقض، رعيا لما بتصف به من واسع المعرفة والإطلاع ويتحلى به من حزم ونزاهة وعزم”، و أضاف جلالة الملك أنه” يعقد آمالا على محمد عبد النباوي في السير بمحكمة النقض سيرا حميدا وفق ما ترمي إليه جلالتنا من توخي سبل الحق والعدالة ورعاية شؤون الخاص والعام وصيانة حقوق أفراد شعبنا رعاية وصيانة لا سبيل معهما إلى التواني والمهاودة”.
ويشدد عبد النباوي على العزم على “إتمام العمل الجاد والمتميز الذي أنجزه الرئيس الأول السابق مصطفى فارس خلال السنوات الأربع الماضية”، متقدما له بالشكر الجزيل على ” قيادته الحكيمة للمجلس الأعلى للسلطة القضائيه وجهوده المتبصرة في تأسيس السلطة القضائية، وكذا من أجل إنجازاته القيمة بمحكمة النقض التي قادها لمدة 11 سنة بذكاء ودراية وحكمة ، وقال عبد النباوي، متحدثا عن مهامه الجديدة على رأس محكمة النقض، “إنها وإن كانت تنطلق في ظروف شديدة الصعوبة بسبب إكراهات جائحة كوفيد-19، وتأثيرها على الممارسة القضائية العادية، فإن اهتمامنا سينصرف إلى تحسين جودة صياغة القرارات وتوفير الاجتهاد القضائي لمحاكم الموضوع ولكافة المعنيين والمهتمين”، مبرزا أنه ستتم أيضا “مواصلة البحث عن مقترحات لحلول من أجل التغلب على الكثرة العددية من الطعون بالنقض، مما يسمح للمحكمة بتوفير الوقت اللازم لدراسة الملفات دراسة متأنية تخدم مبادئ العدالة والإنصاف، وتصون حقوق الأطراف، دون المساس بالحق في التقاضي على درجتين، المكفول بمقتضى المواثيق الدولية لحقوق الإنسان”.
وكان عبد النباوي، اعرب عن تطلعه للاشتغال مع أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية على تطوير أداء المجلس نحو القيام بدور طلائعي في تنزيل برامج الإصلاح بتعاون مع رئاسة النيابة العامة ووزارة العدل والمهن القضائية، مؤكدا، في هذا السياق، الحرص على توجيه المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى التمسك بالمعايير الأسمى في إسناد المسؤوليات للقضاة، مع دعم الأدوار التأطيرية للمسؤولين القضائيين، بما يلزم من تكوين وتحسيس لازمين لتقوية دورهم في تسيير المحاكم والإشراف على عمل القضاة، وحث الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، كافة قضاة المملكة على التمسك بمبادئ العدل والإنصاف ونصوص القانون، والتحلي بالقيم والأعراف القضائية والأخلاقيات المهنية، وقواعد النزاهة والشفافية.