كثيرة هي النماذج الملهمة لنساء اقتحمن مجالات عمل ظلت لعقود طويلة حكرا على الرجال، وكسرن تلك الصورة النمطية التي كانت تعتبر المرأة غير مؤهلة لمزاولة بعض المهن التي تتطلب قدرات ومهارات خاصة.
ويشكل الاحتفال باليوم العالمي للمرأة مناسبة لتسليط الضوء على بعض هؤلاء النساء، من باب العرفان بدورهن في المجتمع، والتذكير بجدارتهن وكفاءتهن في جميع ميادين العمل التي اخترن ولوجها، والتي ينافسن فيها الرجال، بل ويتفوقن عليهم في بعضها.
الرقيب نهيلة عشي مثال جلي للمرأة المغربية القوية التي لا تعترف بالحدود فيما يتعلق بالقدرة على القيام بالمهام المنوطة بها ضمن مصالح الدرك الملكي، وتحديدا كوكبة الدراجات النارية الناشطة على مستوى محطة الأداء بسلا الجديدة.
هي شابة لم تتجاوز بعد عامها الـ 22، قادها حبها لخدمة وطنها إلى الالتحاق بصفوف الدرك الملكي بمجرد حصولها على شهادة البكالوريا، ودفعها شغفها بالدراجات النارية إلى الالتحاق بكوكبة الدراجين، التي تعهد إليها العديد من المهام كالمراقبة الطرقية وزجر المخالفات والخفر.
في هذا الصدد، تقول الرقيب نهيلة عشي، في حديث لقناة الأخبار “إم 24” التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء: “لم يكن التحاقي بصفوف الدرك الملكي أمرا من قبيل الصدفة أو بدافع الحصول على وظيفة، بل تحقيقا لحلم راودني منذ الطفولة”. وأضافت “كانت أمنيتي ارتداء الزي النظامي وخدمة وطني من خلال الانضمام إلى إحدى المؤسسات الأمنية”.
وهكذا، قررت نهيلة الالتحاق بصفوف الدرك الملكي سنة 2018. وبعد تكوين دام سنتين بمركز الدرك الملكي ببنسليمان، شمل المجالين المهني والعسكري على السواء، تخصصت في مجال قيادة الدراجات النارية، حيث تلقت تدريبا مكثفا مكنها من اكتساب مهارات قيادة هذه الدراجات كبيرة الحجم والتعامل معها بأريحية، وهي مهمة صعبة تتطلب مؤهلات خاصة لدى الرجال أو السيدات .
فقيادة دراجة نارية من الحجم الكبير ليست بالأمر السهل، إذ يبلغ وزن دراجات “بي إم دبليو” التي يتألف منها أسطول الدرك الملكي أزيد من 300 كيلوغرام، وتبلغ سرعتها القصوى 270 كيلومترا في الساعة.
“كان اختياري لهذا التخصص بدافع عشقي واهتمامي بالرياضات الميكانيكية، خاصة الدراجات النارية”، تقول الرقيب عشي قبل أن تستطرد: “لقد واجهت في البداية بعض التحديات، لكنني تمكنت من تجاوزها بفضل التدريب المكثف وتوجيه المؤطرين وشغفي بهذه المهنة، وهو ما أتاح لي خوض تجربة متميزة”.
تجوب الرقيب نهيلة مسالك الطريق السيار على متن دراجتها النارية في إطار المهام الموكلة إليها، والتي تتنوع بين تنظيم السير والجولان وضبط المخالفين وخفر المواكب ومطاردة المشتبهين، ولا يخلو عملها من مخاطر.
في هذا الصدد، تؤكد نهيلة أن التكوين الذي خضعت له لشهور عديدة وحس المسؤولية والانضباط العالي الذي يتمتع به عناصر كوكبة الدراجات النارية يساعدهم على الحد من هذه المخاطر والتعامل معها باحترافية، قبل أن تضيف :”كل المخاطر تهون أمام شرف خدمة الوطن والتضحية من أجله”.