تسير مجموعة من دول العالم نحو الإفراج عن مجموعاتها البشرية من سجن الطوارئ الصحية، و الخروج الى الحياة الطبيعية ، في خيار لا رجعة فيه، والدخول الى مرحلة التعايش مع الفيروس، بعد النجاح في حملات تلقيح خلقت نوعا ما المناعة الجماعية و أضعفت من حدة الوباء، وساهم في ذلك متحور “أوميكرون” الذي انتشر بسرعة ولم يخلف خسائر صحية في الوفيات و الإصابات الحرجة، الأمر الذي جعل الدول تتفطن الى نهاية الفيروس واستعداده للتحول الى مرض موسمي، رغم تحذيرات بعض العلماء في التريث قليلا على إنهاء الطوارئ.
المؤشرات في المغرب، تتجه اليوم نحو التخفيف بشكل كبير من قيود حالة الطوارئ، والعمل يجري حاليا على تهييئ الظروف للعودة الى الحياة الطبيعية، انطلقت مع اللقاءات المكثفة بين الحكومة و ممثلي أطر و موظفي الوظيفة العمومية في القطاعات الحكومية، و النقابات و ممثلي أرباب المقاولات في المغرب، لتسطير مخطط التعايش مع الفيروس، والعمل على ضرورة استكمال التلقيح، هذا المصطلح الجديد في خضم مواجهة فيروس “كورونا” جاء ليدعو الى تلقي الجرعة الثالثة المعززة، و المعززة بدورها مصطلح آخر ضمن مصطلحات حالة وبائية يعيشها العالم و المغرب منذ عامين، وتتطور فيها الوضعيات الصحية كما تتطور مصطلحاتها العلمية و طرق مواجهتها، حتى وصل المغرب الى مرحلة الدعوة الى “الاستكمال” و “المعززة”.
المغرب حاليا يعيش التحسيس ضمن مرحلة الاستكمال عبر الترغيب و الترهيب في الدعوة لتلقي الجرعة المعززة الثالثة، للخروج من حالة الطوارئ بشكل سليم ورفع القيود ونحن متحكمين في الحالة الوبائية عبر العمل على خلق نوع من المناعة الجماعية، اتضح دورها في مواجهة آخر متحور سريع الانتشار، حيث وجد الناس ملقحين ضرب و رحل، فيما أسقط غير الملقحين وأدخل الانعاش الرافضين للتلقيح، وهته الفئة الأخيرة أكثر الناس اليوم يواجهون أكبر حرب ضدهم في العالم، وصلت شظاياها الى المغرب، حتى دفعت الدولة للإعلان عن كونهم مهددون بالطرد من الوظائف و التوقيف من العمل وسحب الأجور، حتى شبه البعض الأمر بـ”صحيفة قريش ضد آل هاشم”.
لاشك أن الطوارئ تدخل في نطاق الحروب، و الحرب كانت ضد فيروس لا يرى بالعين المجردة و لا تسمع تحركاته، وعرفت قرارات متشددة وقيود قاسية نوعا ما، لمواجهة تفشي الفيروس، نجح خلالها المغرب في جميع مراحله، إنطلاقا من الطوارئ و الإغلاق الى جلب اللقاحات بمبادرة ملكية شجاعة، الى عمليات التلقيح حتى تخفيف القيود، و الوصول اليوم للتوجه نحو مرحلة جديدة تعلن إنهاء حالة الطوارئ و العودة الى حياة ما قبل 2020.
اليوم دول العالم الناجحة في مسار اللقاح تعلن إنهاء مرحلة القيود، أمر جعل المغرب بدوره يستعد للمرحلة الجديدة بالرغم من بطئ التلقيح عند الجرعات الأولى ورفض فئات كثيرة للقاح، في أمر تتدخل فيه مجموعة من العوامل فكرية اجتماعية ودينية لا تتسع هذه الرقعة لذكرها ومناقشتها، بقدر ما يمكن أن نقول أن المرحلة المقبلة عنوانها الأبرز إنهاء حالة الطوارئ و ليتحمل كل عاقل مسؤوليته.