في إطار التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، شهدت القاعدة الجوية الأولى في سلا مراسم استقبال رسمية لأول دفعة مكونة من ست مروحيات AH-64E Apache.
هذه الخطوة تأتي ضمن استراتيجية عسكرية متكاملة تعكس تطور العقيدة الدفاعية المغربية واستجابتها للتحولات الإقليمية والدولية.

من منظور براغماتي، يمكن اعتبار اقتناء هذه المروحيات المتطورة استثمارًا متعدد الأبعاد. فلا يقتصر الأمر على تعزيز القدرات الجوية الهجومية فحسب، بل يتجاوزه إلى ترسيخ مفهوم السيادة الوطنية. في عالم تتزايد فيه التحديات الأمنية، يصبح امتلاك أنظمة دفاعية متطورة شرطًا لضمان الاستقرار الداخلي وردع التهديدات الخارجية.
مروحية AH-64E Apache ليست مجرد آلة قتالية؛ إنها انعكاس لفلسفة دفاعية ترتكز على الاستباقية والجاهزية. مجهزة بتكنولوجيا متطورة، بما في ذلك أنظمة الرؤية الليلية والرصد المتقدم، تمنح هذه المروحيات المغرب تفوقًا استراتيجيًا في إدارة العمليات العسكرية الحديثة، خاصة في المناطق الوعرة والمعقدة جغرافيًا.
في سياق مغاربي يتسم بتعقيدات جيوسياسية، يشير هذا التطور إلى حرص المغرب على الحفاظ على توازن القوة. فامتلاك تكنولوجيا عسكرية متقدمة هو رسالة ضمنية مفادها أن السيادة والأمن الوطنيين يظلان خطًا أحمر لا يقبل المساومة. كما أن هذا التحول يعكس فهماً عميقًا لأهمية امتلاك أدوات الردع كوسيلة للحفاظ على السلام الإقليمي.
وفقًا لفلسفة جون ديوي، فإن التجربة العملية والتفكير النقدي هما أساس التقدم. في هذا السياق، يمكن قراءة تعزيز القدرات الدفاعية المغربية باعتباره استثمارًا مدروسًا يعكس نهجًا عقلانيًا في التعامل مع التحديات الأمنية. فالتكنولوجيا هنا ليست هدفًا في ذاتها، بل وسيلة لتحقيق غاية أسمى: حماية المكتسبات الوطنية وتوفير بيئة مستقرة للتنمية.
إن وصول مروحيات AH-64E Apache إلى المغرب ليس مجرد حدث عسكري، بل هو تجسيد لرؤية شمولية تعي أن الأمن هو حجر الأساس لأي مشروع تنموي. فمن دون بيئة مستقرة وآمنة، يصبح تحقيق التنمية المستدامة هدفًا بعيد المنال. وفي ظل عالم متغير، يظل الحفاظ على الجاهزية الدفاعية ضرورة استراتيجية لضمان الأمن والسلام.