تجلت بوضوح استراتيجية الملك في إرساء أسس قوية لتحصين مصالح المغرب وتعزيز مواقفه في مختلف القضايا، بدءًا باستقباله رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، في أوائل العام بالقصر الملكي بالرباط، وهي الزيارة التي ساهمت في تثبيت موقف مدريد التاريخي الداعم لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية باعتباره الحل الوحيد للنزاع الإقليمي حول الصحراء.
ولا يمكن الحديث عن ملف الوحدة الترابية دون الإشارة إلى التحول اللافت في المواقف الفرنسية تجاه هذا الملف في عام 2024، الذي أسس لمرحلة جديدة في العلاقات بين الرباط وباريس. وقد تُوج ذلك بزيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى المغرب واستقباله من طرف الملك محمد السادس، حيث وقّع زعيما البلدين على مجموعة من الاتفاقيات تضمن استدامة الشراكة الاستراتيجية بين المملكة المغربية وفرنسا. كما ساهمت الدبلوماسية الملكية في تحقيق اختراق ليس فقط في الموقف الفرنسي، وإنما أيضًا في مواقف العديد من الدول من مختلف الفضاءات الجغرافية التي أكدت خلال هذا العام دعمها لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، ومنها دول سحبت اعترافها بالكيان الوهمي، كبنما والإكوادور.
في هذا الصدد، برز خطاب الملك محمد السادس في افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان، الذي خُصص، في سابقة من نوعها، لملف الصحراء، إذ أكد أن الرباط ستنتقل من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير، راسما بذلك المعالم المستقبلية للتعاطي مع هذا الملف، داعيًا مختلف الفاعلين إلى “الانتقال من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية”.