في كلمة بالمنتدى البرلماني الدولي التاسع للعدالة الاجتماعية بمجلس المستشارين، أكدت السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على أهمية تعزيز الحماية الاجتماعية في المغرب، مشيرة إلى أن هذا الموضوع يشكل جزءاً أساسياً من حقوق الإنسان والتنمية في المملكة. وأوضحت بوعياش أن الحماية الاجتماعية ليست مجرد سياسة حكومية، بل هي حق أساسي يجب تجسيده وفق المعايير الدولية المعتمدة.
وأشارت بوعياش إلى أن الدستور المغربي والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب تضمن حق المواطنين في الحماية الاجتماعية، مشيرة إلى أن هذا الحق يتجسد من خلال عدد من المبادئ الدولية التي أكد عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وأضافت أن الحماية الاجتماعية تعتبر جزءاً من أجندة 2030 للتنمية المستدامة، ويهدف المغرب إلى تحقيقها لجميع فئات المجتمع، لا سيما الفئات الهشة.
وتطرقت رئيسة المجلس إلى الإصلاحات الكبرى التي أطلقها المغرب في مجال الحماية الاجتماعية، خصوصاً مع انطلاق مشروع تعميم الحماية الاجتماعية في أبريل 2021، والذي يعتبر خطوة هامة نحو تعزيز هذا الحق للمواطنين. وبينت أن القانون الإطار 09.21 الذي تم اعتماده لهذا الغرض يشكل حجر الزاوية لتحقيق نظام شامل للحماية الاجتماعية، مؤكدًا أنه سيعزز من فعالية حق المواطنين في التغطية الصحية والمعاشات والتعويضات العائلية.
ومع تقدم هذه الإصلاحات، أبدت بوعياش تفاؤلها بالتطورات الحاصلة في عدد المستفيدين من البرامج الاجتماعية. غير أنها حذرت من وجود عدد من التحديات التي تعترض تنفيذ هذا الإصلاح. وفي مقدمتها، أشارت إلى صعوبات التسجيل في السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد، ما أدى إلى حرمان العديد من المواطنين من الاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر. كما لفتت إلى مشكلة تأخر التحويل من نظام “راميد” إلى التأمين الإجباري، ما أضر بفئات واسعة لم تتمكن من الاستفادة من التغطية الصحية.
ومن بين التحديات الأخرى التي ذكرها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أوردت بوعياش صعوبة ضمان استدامة تمويل المشروع، خاصة مع عجز بعض الفئات المهنية، مثل المهنيين والعمال المستقلين، عن دفع مساهماتهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. كما أشارت إلى التفاوتات المجالية في الوصول إلى الخدمات الصحية، مشيرة إلى أن العديد من المناطق القروية لا تزال تعاني من نقص في البنية التحتية الصحية.
كما أكدت بوعياش أن التحديات لا تقتصر فقط على التمويل والخدمات الصحية، بل تشمل أيضاً ضعف الوعي لدى بعض المواطنين بحقوقهم في الحماية الاجتماعية. وأشارت إلى أن ضعف التواصل بين المؤسسات المعنية والمواطنين حول آليات الوصول إلى الدعم الاجتماعي يزيد من تعقيد الوضع. كما أكدت ضرورة تسهيل وصول الفئات الأكثر هشاشة، مثل النساء والأشخاص في وضعية إعاقة، إلى خدمات الحماية الاجتماعية.
واختتمت بوعياش كلمتها بتأكيد أهمية تقييم التشريعات الوطنية في ضوء المعايير الدولية، ودعت إلى ضرورة ملاءمة النظام الوطني للحماية الاجتماعية مع التوصيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية، خاصة فيما يتعلق بتوسيع نطاق الحماية لتشمل جميع الفئات الاجتماعية. وشددت على أن المغرب، رغم التحديات الحالية، ملتزم بتعزيز منظومته الوطنية للحماية الاجتماعية، مشيرة إلى تعهد المغرب أمام الأمم المتحدة لتعزيز هذا النظام قبل نهاية 2026.
وفي ختام كلمتها، أكدت بوعياش أن الحماية الاجتماعية تعد حقاً أساسياً يجب على جميع المواطنين التمتع به دون تمييز، مشيرة إلى أن المسار الذي بدأه المغرب في هذا المجال يعد خطوة حاسمة نحو تحسين العدالة الاجتماعية وتحقيق التنمية المستدامة.