تمكنت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، تبعا لمعلومات وفرتها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من تفكيك شبكة خطيرة في تزوير وتزييف الديبلومات الجامعية المنسوبة لإحدى الجامعات ذات السمعة الكبيرة ومدرسة وطنية مشهود لها بالصرامة. هذه القضية لن تبقى معزولة إذ للتزييف أوجه متعددة إن لم يكن له وجه وقفا، وما ظهر الآن هو الشجرة التي تخفي غابة كبيرة وشاسعة.
العملية التي من خلالها توقيف عناصر الشبكة والمستفيدين من الديبلومات المزيفة، تبين بوضوح أن ما يتعلق بالعملية الإجرامية الخاصة بتزوير وثائق يتم التصدي لها بقوة، وأن ما يدخل في اختصاصات المؤسسة الأمنية عمليا تحت السيطرة، ويمكن الحد منه ومن آثاره السلبية على المستوى المعرفي وعلى مستوى سمعة الجامعة المغربية.
لكن تحصين الديبلوم الجامعي، حتى يصبح مساويا لقيمته المعرفية يحتاج إلى تضافر جهود كافة المتدخلين، إذ أن اختصاصات الأمن في هذه العملية محسوبة قانونيا ومحددة بسلطة النصوص، لكن هناك سلطات أخرى واختصاصات ثانية لابد لها من التدخل حتى لا يتم تزييف الديبلوم.
ونحن هنا لا نقصد بالديبلومات المزيفة فقط تلك الوثيقة التي حصل عليها صاحبها دون أن تكون له علاقة بالجامعة أو بالمؤسسة، وهذا الأمر تكلف ويتكلف به الأمن ومعالجته مقدور عليها ما دامات هناك إرادة قوية لمحاربة كل أنواع الانحرافات، لكن نقصد الديبلوم الذي حصل عليه صاحبه وهو مسجل في الجامعة أو المؤسسة لكن لا يستحقه معرفيا.
نتحدث هنا عن كثير من السلط المتورطة في تزييف الديبلومات من خلال قبول أطروحات، هي عبارة عن تلاص مكشوف مع أطروحات سابقة، ويقوم أصحابها في أحسن الأحواال بما يُعرف في البادية ب”صباغة الحمير”، التي لا تغير من الجوهر ولكن تُحسن شيئا من الشكل، وبتواطؤ مع العديد من المسؤولين الجامعيين والأساتذة واللجن يتم منح “الباحث” شهادة أو ديبلوم جامعي غير مستحق.
عشرات الديبلومات بل المئات وربما أكثر إن لم نبالغ لا قيمة معرفية لها، والأدهى والأمر أن كثيرا من الأطروحات المسروقة هي التي منحت أصحابها جواز مرور نحو الإعلام بكل أصنافه، بل إن أطروحات مسروقة هي عنوان للشهرة اليوم لدى أصحابها، بينما الواقع كان ينبغي فضحهم على رؤوس الأشهاد.
ولقد أكد زيف الديبلومات موضوع “النقط مقابل الجنس”، وما تم كشفه الآن قد يكون بسيطا أمام هول الانحرافات الموجودة داخل الجامعة المغربية، وشهدت الجامعة المغربية زمن هيمنة أحد السياسيين فورة في الديبلومات الجامعية من صنف الدكتوراه إلى درجة أنهم جعلوا منه كاتبا بكتاب كله مسروق. ولو تم فتح تحقيق دقيق في تلك المرحلة لتم الكشف عن خروقات كبيرة ولوقفنا على هول الجريمة التي تم ارتكابها في حق الجامعة المغربية التي يمكن تسميتها ب”مجزرة الديبلومات”.
إذن لا يمكن تحميل الأمن وحده مهمة محاربة الديبلومات المزيفة والقانون لا يسمح له بتخطي عملية التزوير في الوثيقة ولهذا لابد من تدخل فاعلين آخرين وإن اقتصى الحال البحث عن مخارج قانونية لهذه المعركة، التي تمس شرف الجامعة وقيمتها المعرفية.