اتضح مليا أن جلالة الملك محمد السادس يدير الدولة من موقع النظر البعيد والتفكير الاستراتيجي، استعدادا للقادم، فكثير ممن ينظرون إلى المستقبل لا يرون فيه إلا وجهه المشرق، وهؤلاء ينامون في العسل كما يقال، لكن التفكير السليم هو توقع الأسوأ والاستعداد، فالكوارث الطبيعية لا يمكن التحكم فيها كما لا يمكن التنبؤ بها، فهي من المعطيات التي لم يتمكن الإنسان إلى حدود اليوم استيباق وقوعها.
لكن إذا كانت الكوارث الطبيعية لا يمكن التحكم فيها، فإن تدبيرها يمكن التحكم فيه ومن الآن.
وفي هذا السياق الموسوم بالإعداد الجيد للظروف غير الجيدة، جاء ” انطلاقة إحداث منصة المخزون والاحتياطات الأولية لجهة الرباط- سلا- القنيطرة، تجسيد للنموذج المغربي في الصمود في مواجهة الكوارث” من قبل جلالة الملك محمد السادس. حيث ستتوفر كل جهة من جهات المملكة على منصة كبرى للمخزون والاحتياطات الأولية (خيام، أغطية، أسرة، أدوية، ومواد غذائية …)، وذلك من أجل مواجهة الكوارث (فيضانات، زلازل، ومخاطر كيماوية، وصناعية أو إشعاعية) بشكل فوري.
سوف نبقى دائما في حاجة ماسة لهذا التفكير ذو البعد الاستراتيجي، فقد أمر جلالة الملك الحكومة منذ 2021 بالقيام بهذا الأمر لكن الحكومة مهتمة بتأمين العودة لأحزابها وبما أسمته حكومة “المونديال”، وسنبقى مصرين على رأينا بأن المغرب يسير بسرعتين، سرعة المشاريع الكبرى والاستراتيجية، التي يشرف عليها جلالة الملك محمد السادس، وهي سرعة تسير بالمغرب نحو الآفاق التي يستحقها دوليا وإقليميا، وسرعة الحكومة الغارقة في التدبير وفي المناكفات بين مكوناتها ومع المعارضة، دون أن ترقى لتضع نفسها في موضوع السرعة الملكية حتى تتساوى السرعتان ويسير المغرب بطريقة لا عقبات فيها.
وتهدف المواد والتجهيزات التي سيتم تخزينها بهذه المنصات إلى تأمين استجابة سريعة لفائدة السكان المتضررين في حالة وقوع كارثة، وضمان تغطية عاجلة ومعقولة للاحتياجات في مجال الإنقاذ والمساعدة والتكفل، وفقا للرؤية الاستباقية لجلالة الملك.
منصات جاهزة للجواب عن أسئلة الكوارث الطبيعية، التي شكل زلزال الأطلس الكبير أو الحوز كما تمت تسميته، اكبر تحد نبّه إلى أنه ينبغي الإسراع في إخراج هذه المنصات للوجود، فرغم مرور قرابة السنة والنصف على زلزال لم تتمكن الحكومة من معالجة تداعياته، وما زال العشرات بل المئات من المواطنين خارج سجل المعالجة سواء من حيث الإيواء المؤقت أو إعادة الإيواء، وهذا ما لاي نبغي أن نقع فيه مرة أخرى.
وسيمكن البرنامج الشامل الخاص بإنشاء المنصات الجهوية للمخزون والاحتياجات الأولية أيضا من التوفر على مخزونات استراتيجية تسمح بالاستجابة لما يعادل ثلاثة أضعاف الحاجيات التي تمت تلبيتها على إثر زلزال الحوز، فضلا على تطوير منظومة وطنية لإنتاج التجهيزات والمواد اللازمة للإطلاق الفوري لعمليات الاغاثة في حالة وقوع الكوارث.
هي إذن رؤية متكاملة وشاملة الغرض منها استباق الكوارث، لا قدر الله، والتعامل معها بالسرعة الممكنة.
العمل الاستباقي عمل استراتيجي وهذا العمل يؤسس لكفاية الجهات في مجال التصدي للكوارث.