لم يكن موسم 2024-2025 عادياً في تاريخ الكرة المغربية، بل شكّل نقطة فارقة بالنسبة لعملاقي البيضاء، الوداد والرجاء، بعدما تحولا من رمزين للتتويج والتألق إلى مثالين حيّين على الإخفاق والتراجع. موسمان كارثيان بكل المقاييس، لا ألقاب، لا أداء، ولا حتى بصيص أمل، ما يدفعنا لطرح السؤال الجوهري: هل ما نعيشه مجرد كبوة مؤقتة؟ أم أننا أمام نهاية مرحلة ذهبية تستدعي مراجعة شاملة؟
إخفاق مزدوج… بنفس النكهة
وداد الأمة، الذي اعتاد في السنوات الأخيرة فرض هيمنته محليًا وقاريًا، بدا هذا الموسم كظلّ لفريقه السابق. خرج مبكرًا من كأس العرش أمام المغرب التطواني، بعدما عجز عن ترجمة سيطرته إلى أهداف، وتلاشت فرصه في الدوري بسرعة، في ظل أداء متذبذب لم تُفلح تغييرات المدرب الجنوب إفريقي رولاني موكوينا في تعديله.
أما الرجاء، فقد تجاوز كل التوقعات السلبية، حين ودّع كأس العرش على يد فريق من الدرجة الثانية، الاتحاد الإسلامي الوجدي، في سيناريو شكل صدمة كروية بكل المقاييس. قبل ذلك، فشل في تجاوز دور المجموعات من دوري أبطال إفريقيا، وعجز عن المنافسة على لقب البطولة، ليجد نفسه في موسم خالٍ من أي تتويج.
الأسباب تتعدد… والنتيجة واحدة
لا يختلف اثنان على أن التغييرات المستمرة في الأطر الفنية كانت سببًا مباشرًا في ضرب الاستقرار داخل الفريقين. فكل مشروع يُقتل قبل أن يرى النور، وكل خطة تُغتال بفعل الضغوط والارتجال. الوداد والرجاء باتا يتخبطان في دوامة تغييرات لا تمنح الوقت الكافي للبناء.
كما أن الانتدابات لم تكن في مستوى الطموحات. غابت الأسماء المؤثرة، وتراجع الأداء الفردي والجماعي، بينما لم تنجح الوجوه الجديدة في تعويض المغادرين أو في تقديم الإضافة الحاسمة. اللاعبون لم يظهروا بذاك الشغف الذي يليق بقميصين حملا تاريخًا من المجد.
وفوق ذلك، لا يمكن إنكار أن الأزمات الإدارية والمالية التي عاشها الناديان أثّرت بشكل مباشر على استقرارهما. الأندية لا تُدار بالعاطفة ولا بالشعارات، بل بالتخطيط والرؤية والاحترافية، وهي أمور غابت عن إدارة الفريقين في الفترة الأخيرة، ما عمّق الفجوة بين الطموح والواقع.
لحظة حاسمة… بين الإنقاذ وإعادة البناء
اليوم، يقف وداد الرجاء على مفترق طرق. هناك من يرى أن ما حدث ليس سوى موسم عاثر يمكن تجاوزه بإصلاحات سريعة وتدبير عقلاني. في المقابل، يرى آخرون أن الأزمة أعمق، وأنها تُنذر بنهاية مرحلة مجيدة، تستدعي البدء من الصفر، بروح جديدة، وأطر جديدة، ورؤية بعيدة المدى.
في الحالتين، ما هو واضح أن الجماهير لن تصبر طويلاً، وهي التي اعتادت منصات التتويج والمدرجات الممتلئة والشغف الذي لا ينتهي. الكرة المغربية تحتاج إلى عودة قوية من عملاقيها، لا فقط من أجل المنافسة، بل لأن غيابهما يُفرغ المشهد من نكهته ويُضعف وهج البطولة.
فهل تكون انتكاسة هذا الموسم بداية للصحوة؟ أم أن القادم قد يكون أكثر قسوة؟ الزمن وحده كفيل بالإجابة.