في خطوة غير مسبوقة منذ عام 1962، قدم رئيس الوزراء الفرنسي، ميشيل بارنييه، صباح اليوم الخميس، استقالة حكومته إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، وذلك عقب تصويت البرلمان الفرنسي بالأغلبية على حجب الثقة عنها أمس الأربعاء.
وفقًا للمادة 50 من الدستور الفرنسي، يتوجب على رئيس الوزراء تقديم استقالة حكومته لرئيس الجمهورية في حال إقرار الجمعية الوطنية لمذكرة بحجب الثقة، وهو ما حدث بالفعل بعد أن صوت 331 نائبًا من أصل 574 لصالح المقترح الذي تقدم به تحالف “الجبهة الشعبية الجديدة” اليساري.
واستند اقتراح حجب الثقة إلى خلافات حادة حول ميزانية تقشفية مثيرة للجدل، حيث تمكن تحالف الجبهة الشعبية من حشد دعم نواب من أقصى اليمين وأحزاب يسارية أخرى للإطاحة بحكومة بارنييه، التي لم تصمد سوى ثلاثة أشهر منذ توليها السلطة.
ويشير مراقبون إلى أن التصويت الكاسح ضد الحكومة يعكس حالة الاستقطاب العميقة في المشهد السياسي الفرنسي، مما يزيد من تعقيد الأوضاع السياسية ويضعف قدرة باريس على مواجهة تحدياتها الاقتصادية، خاصة مع استمرار تفاقم عجز الميزانية.
إسقاط حكومة بارنييه يُدخل فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، في أزمة سياسية حادة قد تعرقل قدرتها على التشريع وتزيد من التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد.
وكانت المذكرة التي قدمها تحالف الجبهة الشعبية يوم الإثنين الماضي قد جاءت بعد تصاعد التوترات داخل الجمعية الوطنية، حيث لاقت الميزانية التقشفية التي اقترحتها الحكومة اعتراضات واسعة اعتبرتها المعارضة ضربة للطبقات الوسطى والضعيفة.
ومع استقالة حكومة بارنييه، يواجه الرئيس ماكرون تحديًا كبيرًا في اختيار رئيس وزراء جديد قادر على استعادة ثقة البرلمان وإعادة الاستقرار إلى الساحة السياسية. ويرى محللون أن هذه الأزمة قد تؤثر على قدرة فرنسا على تمرير إصلاحات حيوية وتعزيز دورها داخل الاتحاد الأوروبي.
وفي انتظار تعيين حكومة جديدة، تظل الأنظار متجهة نحو الإليزيه وسط تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الأزمة ستفتح الباب أمام انتخابات تشريعية مبكرة أم ستنجح القيادة الفرنسية في تجاوز هذه المرحلة الحرجة.