بُنيت الشركات على الربح، لكن الرأسمال الوطني يراعي الظروف، فيقوم بالتضحية في سبيل الوطن ومن أجل أن يبقى قائما، وهذا ما لا ينطبق على شركات المحروقات في المغرب، التي رفعت أرباحها في ظل الأزمة، وأحصى منسق الجبهة الوطنية لإنقاذ “سامير” الحسين اليماني 58 مليار درهم كأرباح لشركات المحروقات، وهو مبلغ لا يجمعه إلا الفم كما يقال، ونعتها بالأرباح الفاحشة.
ليس مطلوبا من الشركات ألا تربح، فهي ليست جمعيات خيرية، لكن من غير المفهوم أن تزداد أرباحها في وقت يعاني فيه المواطن المغربي من ارتفاع كبير للأسعار بشكل غير مسبوق تاريخيا، ولا يمكن تحميل المواطن العادي تكلفة الأزمة بينما لا تصل نارها إلى رجال الأعمال الكبار.
نقول دائما أنه من باب الوطنية يمكن التضحية بالأرباح خصوصا وأن أصحاب الشركات أغلبهم لديهم تجارات أخرى، ولكن في الحد الأدنى تحديد أرباح أقل مما تم تحقيقه حاليا، وهو فحش كبير في التجارة وانتهاك للمواطن الذي تواطأت عليه الحكومة والبرلمان والشركات المكلفة بالتوزيع.
وطالما حذرنا من هيمنة “تجمع المصالح الكبرى” على الحكومة والبرلمان، حيث جعل منهما أدوات سهلة لتحقيق مزيد من الأرباح على حساب المواطن الضعيف، وبهذه السياسة تم الإجهاز بشكل كلي على الطبقة المتوسطة، وفق دراسة للمندوبية السامية للتخطيط، التي لم تعد تقاريرها ترضي الحكومة بل خرج أخنوش عن صمته وهو كثير الصمت ليرد على تصريح لأحمد الحيمي قال فيه إن التضخم محلي وغير مستورد.
في وقت يعتبر خبراء اقتصاديون أن التضخم ناتج عن خلل اقتصادي في تدبير القطاعات وعلى رأسها القطاعات الزراعية، حيث وقع خلل في العرض مما يجعل أية معالجة خارج هذا السياق هي معالجة غير مجدية.
هذا الخلل في أرباح شركات المحروقات، الذي تضاعف خلال الأزمة يدعو الحكومة وكل من يعنيه أمر الاستقرار الاجتماعي للبلاد أن يعيد النظر في موضوع رفع الدعم عن المحروقات وتحرير أسعارها دون تسقيف إلى إعادة النظر في طل ذلك حماية للوطن، الذي إذا سلك طويلا في هذا المسار فلن تكون العواقب سليمة.
يقال “كبير الكرش تفركع ليه”، وه مثل دارج على كل الألسنة وبليغ، وهو يعني ضرورة تقاسم الخيرات والثروات، على سبيل التنازلات عن بعض الأرباح، بل يجب على الحكومة أن تتدخل بقوة القانون وإلغاء الضرائب على الاستيراد المتعلقة بالمحروقات وحذفها من ثمن اللتر عند البيع للمستهلك، لا تخفيف بعض الضرائب والهدايا الضريبية، التي لا تستفيد منها إلا اللوبيات الكبيرة والشركات الضخمة، ولكن ينبغي أن يستفيد منها المواطن، فأي درهم ينقص في الثمن ينعكس إيجابا على حياة المواطن فما بالك لو كانت دراهم غير معدودة مثلما فعلت كثير من البلدان.