هناك لحظات استثنائية تُرسّخ في ذاكرة الجماهير، وأمسية باريس سان جيرمان أمام مانشستر سيتي كانت واحدة من هذه اللحظات. نجمها؟ الدولي المغربي أشرف حكيمي. في ملعب “بارك دي برانس”، أثبت حكيمي مرة أخرى أنه ليس مجرد لاعب، بل أيقونة قادرة على قلب الموازين وتغيير ملامح اللقاء في أصعب الظروف.
الشوط الأول: حكيمي يمهد الطريق
كان الشوط الأول مثالًا حيًا على قدرة حكيمي على الإبداع. قذيفته الصاروخية في الثواني الأخيرة كانت تحفة فنية تستحق أن تُحفر في الذاكرة، لكن تقنية الـ”فار” حرمت الباريسيين من هدف مستحق، بسبب تسلل زميله الذي صنع التمريرة الحاسمة. هذه اللقطة لم تقتل الروح القتالية لحكيمي، بل زادت من عزيمته لإعادة الفريق إلى المنافسة.
الشوط الثاني: من الانكسار إلى الانتفاضة
مع بداية الشوط الثاني، دخل باريس سان جيرمان في نفق الأخطاء الدفاعية التي كلفته هدفين في ثلاث دقائق، بتوقيع غريليش وهالاند. بدا وكأن الفريق يقترب من حافة الهاوية، لكن كرة القدم تعلمنا أن الحسم يكون دائمًا في التفاصيل.
هنا، دخل حكيمي وزملاؤه في حالة من الإصرار والقتال النفسي. في أربع دقائق فقط، عادت الحياة إلى الملعب. البديل ديمبيلي، بلمسته الأولى تقريبًا، سجل هدف تقليص الفارق، تلاه باركولا بهدف التعادل في الدقيقة 60. هذه الانتفاضة السريعة كانت نقطة تحول، حيث فرض الفريق الباريسي سيطرته الكاملة على مجريات اللقاء.
حكيمي… قائد في الملعب
رغم أنه لم يسجل في الشوط الثاني، كان حكيمي بمثابة العقل المدبر في الدفاع والهجوم. تحركاته الدقيقة وتدخلاته الحاسمة منحت زملاءه الثقة والإلهام للمضي قدمًا نحو تحقيق “ريمونتادا” تاريخية.
هدف نيفيس في الدقيقة 78 كان تتويجًا للسيطرة الباريسية، ليأتي راموس في اللحظات الأخيرة ليعزز الفوز بهدف رابع. ومع صافرة النهاية، لم يكن هذا مجرد فوز، بل إعلان بأن الفريق الباريسي قادر على كسر عقدة الإقصاء والتأهل إلى الملحق برصيد عشر نقاط.
ما يجعل هذه الأمسية خاصة ليس فقط النتيجة، بل الروح التي أظهرها الفريق. أشرف حكيمي جسّد اللاعب الذي لا يستسلم أبدًا، القائد الصامت الذي يُحدث الفارق بفضل التزامه وتفانيه. في زمن أصبحت فيه كرة القدم تُقاس بالإحصائيات، يذكرنا حكيمي بأن القيم الحقيقية للعبة تكمن في القلب والشغف والرغبة في الفوز.
قد تكون هذه المباراة بداية لحقبة جديدة للفريق الباريسي، لكنها أيضًا تأكيد على أن حكيمي هو أحد أعمدة الفريق، ليس فقط كلاعب، بل كرمز للقوة والإلهام في المواقف الصعبة.