مع اقتراب عبد الأضحى، سجل العديد من المغاربة عدم نجاعة قرار الحكومة القاضي بفتح باب الاستيراد المؤقت للأغنام، وتخصيص دعم قيمته 500 درهم عن كل رأس، إلى جانب الاعفاءات الضريبية.
ووجد محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، نفسه في مرمى الانتقادات، بسبب ارتفاع أسعار الأضاحي وانعدام الأثر الملموس لدعم الاستيراد على المواطن المغربي.
وفي هذا الصدد، كشف “كساب” لصحيفة النهار المغربية، أن المؤشرات المتوفرة حاليا، تبين أن أضحية العيد ارتفعت بشكل كبير وغير مسبوق، وبنسب متفاوتة حسب المناطق والأسواق، وذلك نتيجة الجفاف وغلاء أسعار الأعلاف.
وأضاف المتحدث، أن أثمنة الأكباش المتوسطة الجودة قد تتراوح ما بين 3500 درهم و 4500 درهم فيما قد يصل ثمن الأكباش الجيدة ما بين 5000 درهم و 8000 درهم.
فشل دعم الحكومة
وأضافت المتحدثة، أنه كان يجب تقييم تجربة السنة الماضية، خاصة أنه تم توجيه انتقادات واسعة لهذا الإجراء الحكومي بسبب دعم المستوردين الكبار ورجال الأعمال.
بدورها، أكدت ثورية عفيف نائبة برلمانية عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أن حكومة عزيز أخنوش تمعن في إغناء الغني وإفقار الفقير.
وشدد البرلمانية في تصريح لجريدة النهار المغربية، أن الحكومة ذهبت في اتجاه دعم المستوردين الكبار، إلا أن هذا الدعم غائب أثره في الواقع.
وذكرت المتحدثة، أن العديد من الأسر المغربية، أصبحت عاجزة عن توفير مصاريف عيد الأضحى، مؤكدة أنه كان يجب أن يتوجه هذا الدعم “للكسابة” والفلاحين الصغار عوض كبار المستوردين.
من يستفيد من الدعم؟
وجهت العديد من الانتقادات لحكومة عزيز أخنوش، بسبب تخصيص دعم 500 درهم لفئات معينة من رجال الأعمال، المقربين من الحكومة.
وفي هذا الصدد، أكدت عائشة الكوط، عضو المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، أن الدعم المخصص لاستيراد 600 ألف رأس باحتساب 500 درهم للرأس يبلغ 30 مليار سنتيم، بالإضافة إلى 20 مليار من الإعفاء الضريبي، أي 50 مليار سنتيم، واستفاد منها 4 مستوردين كبار انتماءاتهم معروفة، تضيف المتحدثة.
في نفس السياق، قالت نعيمة الفتحاوي عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية في تصريح لصحيفة النهار المغربية، إنه بالضرورة يجب أن ترفع وزارة الفلاحة يدها عن الأسماء التي استفادت من الدعم، حتى تعم الشفافية، بهدف مراقبة هذا الدعم حتى يصل للمواطن المغربي بشكل مباشر.
بدوره، وجه حزب التقدم والاشتراكية، رسالة شديدة اللهجة إلى رئيس الحكومة، حيث أكد الحزب أن الحكومة اغنت بملايير الدراهم من المال العام أرباب النقل ومستوردي الأبقار والأغنام، على حساب المواطنين المستضعفين، دون تسقيف الأسعار المواد والخدمات المدعمة، ودون أن ينعكس ذلك الدعم الانتقائي إيجابا على المواطنات والمواطنين الذين أفاد 82.5% منهم بتدهور مستوى معيشتهم خلال العام الماضي، و 90.4% لا يثقون في قدرة الحكومة على تحسينه خلال العام الجاري.
وفي السياق ذاته، قال بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك لصحيفة النهار المغربية، إنه من خلال التجربة التي تم العمل بها السنة الماضية تبين أن الدعم ليس لديه أثر مباشر على المواطن المغربي، حيث وصلت أضاحي العيد إلى مستويات قياسية لم يشهدها السوق المغربي من قبل.
ولفت رئيس جمعية حماية المستهلك إلى أن تجربة السنة الماضية، كشفت عن ممارسات غير أخلاقية من قبل بعص التجار الكبار الذين استفادوا من الدعم، حيث تم الاحتفاظ بالأضاحي المستفيدة من الدعم في مستودعات، واخراجها للأسواق بعد مرور عيد الأضحى وبيعها بأسعار مرتفعة.
وعبر بوعزة الخراطي عن تخوفه من تكرار سيناريو السنة الماضية، داعيا الحكومة إلى مراقبة التجار الذين ليس لديهم أية صلة بتربية المواشي بعدم استغلال هذه الظرفية لزيادة الأرباح على حساب المواطن البسيط.
وانتقد المتحدث بشدة الدعم الذي قدمته الحكومة لما وصفهم بــ “الشناقة الجدد”، مؤكدا أنه كان بالأحرى أن يقدم الدعم في فترة الأزمة التي كان يعيشها مربيو الماشية بالمغرب، وذلك خلال مرحلة ولادة الأغنام ويستفيد منها الكساب بشكل مباشر.
75% من المغاربة لا يثقون في إجراءات الحكومة
كشفت نتائج استطلاع للرأي أجراه المركز المغربي للمواطنة، أن هناك انقسامًا بين المغاربة حول الاحتفال بعيد الأضحى هذا العام، حيث عبّر 48% منهم عن رغبتهم في عدم الاحتفال، بينما أبدى 44% منهم رغبتهم في ذلك.
ويعزى هذا الانقسام إلى الصعوبات الاقتصادية التي يعيشها الكثير من المغاربة، حيث يرى 57% من المشاركين في الاستطلاع أن إلغاء العيد هذا العام سيخفف عنهم ضغطًا كبيرًا.
وأظهرت نتائج الاستطلاع على أن ارتفاع أسعار الأضاحي يشكل هاجسا كبيرا للمغاربة، حيث يتوقع 85% منهم أن تكون الأسعار هذا العام مرتفعة مقارنة بسنة 2023.
وقال 75% من المشاركين في الاستطلاع، إن إجراءات الحكومة لن تُساهم في خفض أسعار الأضاحي هذا العام.
وذكر 64% من المشاركين، أن ارتفاع الأسعار الأضاحي هذا العام، راجع إلى اهتمام الحكومة بمصالح الكسابة ومربي الماشية على حساب المواطن، بينما يرى 82% منهم أن الحكومة كان عليها تقديم دعم مالي مباشر للأسر المعوزة لاقتناء الأضحية بدلاً من دعم مستوردي الأضاحي.
وأفاد المشاركون في الاستطلاع، أن العامل الديني هو الدافع الرئيسي لالتزام 82% بعيد الأضحى، بينما يرى 12% منهم أن دافعهم اجتماعي، ورغم الانقسام حول الاحتفال، إلا أن 75% من المشاركين يعتبرون عيد الأضحى أهم مناسبة لتعزيز الروابط العائلية بين المغاربة.
ورغم الأزمة الاقتصادية، يرى 60% من المشاركين أن الأسر المغربية لا تستطيع أن تتخلى عن اقتناء الأضحية حتى لا تحرم أطفالها من العيد.
ويذكر أنه للمرة الثانية الحكومة تقرر فتح باب الاستيراد المؤقت للأغنام، بهدف توفير الأضاحي الموجهة إلى الذبح في عيد الأضحى، بسبب تراجع القطيع الوطني، وتوالي سنوات الجفاف.