انطلقت أشغال الاجتماع الـ 52 للجنة التنفيذية لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في مجلس النواب بالرباط أمس الثلاثاء، وستستمر إلى غاية اليوم الأربعاء، وسط أجواء تجسد التضامن الإسلامي والعمل المشترك.
وتميز الاجتماع بالتركيز على قضية القدس الشريف، والتي تتصدر أولويات العالم الإسلامي نظراً لمكانتها الروحية والتاريخية.
وخصصت أشغال هذا الاجتماع لإبراز الدور الهام الذي يقوم به جلالة الملك محمد السادس، بصفته رئيس لجنة القدس الشريف، في دعم القضية الفلسطينية.
ومن خلال هذه المسؤولية، يسعى جلالته بشكل متواصل إلى حماية الطابع الديني والهوية الحضارية للقدس، مع الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وتشكل هذه الجهود جزءاً من مساعي المملكة المغربية لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة، مستندةً إلى رؤية جلالة الملك القائمة على تحقيق العدالة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس.
كما تم التأكيد خلال الاجتماع على الدعم الكامل لجهود جلالة الملك في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، سواء من خلال المواقف السياسية أو عبر المشاريع التنموية التي تشرف عليها وكالة بيت مال القدس، وهي الهيئة التي تترأسها المملكة المغربية تحت قيادة جلالته، حيث تعمل هذه الوكالة على تعزيز صمود المقدسيين في وجه التحديات المختلفة، من خلال تنفيذ مشاريع صحية وتعليمية واجتماعية تهدف إلى تحسين حياة سكان القدس.
وبفضل هذه الجهود المتواصلة، تمكن المغرب من أن يصبح صوتاً قوياً في دعم القضية الفلسطينية على الساحة الدولية، وذلك بتوجيهات من جلالة الملك، الذي جعل من قضية القدس محور اهتمامه الشخصي والسياسي.
وفي هذا الصدد، قالت نجوى كوكوس عضو اللجنة التنفيذية لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، في تصريح للنهار المغربية، إن القضية الفلسطينية من بين أهم القضايا المطروحة خلال هذا الاجتماع.
وأضافت المتحدثة، أن المغرب تضامن منذ البداية مع القضية الفلسطينية، وندد بهذه المجازر، مبرزة أن جلالة الملك يقوم بعمل جبار من خلال ترأسه لجنة القدس.
بدوره، نوه محمد بن سالم الحافضي عضو مجلس الدولة بسلطنة عمان، في تصريح للنهار المغربية، بحسن الاستقبال وكرم الضيافة وكذا بالتنظيم المحكم لهذا الاجتماع الهام.
وأضاف المتحدث، أن الاجتماع يبحث عددا من المواضيع الهامة، على رأسها القضية الفلسطينية، وهي قضية العرب والمسلمين بشكل أساسي.
وعلاقة بالموضوع، قال الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، في كلمته الافتتاحية: “أود في البداية أن أرحب بكم في المغرب، الأرض التي شهدت ميلاد منظمة المؤتمر الإسلامي بقرار من مؤتمر القمة الإسلامية الذي انعقد في الرباط في الفترة ما بين 22 و25 شتنبر 1969، على إثر إقدام العصابات الصهيونية على إحراق المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين في 21 غشت من نفس السنة.
وأضاف المتحدث:” وَيالَها من مصادفة حزينة مُحزنة أن تمر خمسة وخمسون عاما بالتمام والكمال، والأقصى، والقدس، كما باقي الأراضي الفلسطينية، والشعب الفلسطيني الشقيق، يواجهون نفس ظروف الاحتلال، وذات أشكال القتل، والحصار، والاعتداء على الأرواح والممتلكات، وهي الأعمال التي نجدد إدانتنا الشديدة لها|.
وزاد قائلا:” لا أريد أن أستغل احتضان بلادي لهذه الاجتماعات التنظيمية، لأستعرض أشكال دعم المملكة المغربية الثابت والتاريخي لقضية الشعب الفلسطيني من أجل استقلاله وقيام دولته وعاصمتها القدس التي فيها للمغاربة حاراتٌ، وأسوارٌ، وأحياءٌ، وباب تاريخي، ولكن من واجبي التذكير بما يُنَفذه بيت مال القدس المنبثق عن لجنة القدس التي يترأسها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، من مشاريع ملموسة دعما لصمود سكان المدينة في وجه الاستيطان والاحتلال؛ وأرى من الواجب أيضا التذكير بالمبادرات الأخيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس أعزه الله بإرسال مساعدات لأهالي غزة، إذ كان المغرب السباق إلى ذلك عن طريق البر. كل ذلك يجسد بالملموس الالتزام المغربي الثابت بدعم القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في الاستقلال واقامته دولته المستقلة”.
وذكر العلمي أنه: “لا نختلف في إدانة جرائم الاحتلال الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني الأعزل، وانتهاكاته الصارخة لحقوق الإنسان ولأبسط مبادئ وقواعد القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وفي توصيف موقف القوى النافذة في القرار الدولي التي تجد نفسها ممتحنة في ما تعتبره هي ذاتها مقدسا من حقوق الإنسان، بما فيها الحق في الحياة، والحرية، والغذاء والاستشفاء والتعليم والسكن، وهي حقوق يوجد أشقاؤنا الفلسطينيون في غزة اليوم محرومون منها، ولكن وفي المقابل، ينبغي أن نتوجه إلى الذات الإسلامية، أَحوالُها، وانقساماتها، وصراعاتها، وحروبها الداخلية، وتوَجّس أعضائها من بعضهم البعض، وهو ما ينعكس بالتأكيد على مستوى دعم دولها للشعب الفلسطيني، ويُضعف موقفها أمام المجموعة الدولية في الدفاع عن قضايا شعوبها و مصالح الأمة الإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية”.
وأبرز أن الشعب الفلسطيني الشقيق يستحق، بقيادة السلطة الوطنية الفلسطينية كل الدعم والإسناد من أجل حقوقه المشروعة التي لن تتحقق سوى بفتح أفق سياسي واضح من المفاوضات جدواها قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهو حل ينبغي أن تكفل تنفيذه المجموعة الدولية في إطار التزام دولي صريح، وحازم وصادق.
وأكد رئيس مجلس النواب أن الشعب الفلسطيني لا يقدم كل هذه التضحيات كي يصبح على وهم جديد أو كيان متقطع الأوصال.
بدوره، قال النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين إن هذا الاجتماع يأتي في إطار ظرفية صعبة وحساسة، تتسم بتصاعد الأزمات الأمنية والاقتصادية والبيئية والجيوسياسية في عدة مناطق من عالمنا الإسلامي، زاد من حدتها تأزم الوضع في فلسطين.
وأضاف ميارة أن القضية الفلسطينية ومصير القدس الشريف كانت وستبقى قضية جميع المغاربة، ملكا وحكومة وشعبا، وعنوانا بارزا في العمل السياسي والدبلوماسي والإنساني الميداني الذي يقوم به المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، رئيس لجنة القدس.
وزاد المتحدث، من هذا المنبر نجدد إدانتنا لما تتعرض له الأراضي الفلسطينية من أحداث دامية ومروعة، وما يواكبها من مآسي إنسانية واجتماعية من مجازر ضد المدنيين الفلسطينيين العزل وفقدانهم لكل مقومات الحياة بسبب الاستهدافات العسكرية الإسرائيلية اليومية التي تطالهم في أرواحهم وأسرهم وأملاكهم وبيوتهم.
وشدد ميارة، أن المملكة المغربية، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، رئيس لجنة القدس، تجدد دعمها وتضامنها الكامل مع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، في نيل حريته وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق حل الدولتين المتوافق عليه دوليا، بما يمكن شعوب المنطقة من مستقبل آمن، يعمه السلام والأمن والاستقرار.
وأفاد رئيس مجلس المستشارين أن جلالة الملك دعا، انطلاقا من التزام جلالته بالسلام، وبصفته رئيسا للجنة القدس غير ما مرة، إلى التحرك جماعيا، كل من موقعه، للوقف الفوري والشامل والمستدام لإطلاق النار، وإيصال المساعدات الإنسانية بانسيابية وبكميات كافية لساكنة غزة، والرفض التام لكافة أشكال التهجير القسري والعقاب الجماعي والأعمال الانتقامية، التي يتعرض لها أشقاؤنا الفلسطينيون.
وشدد مبارة، أن هذا الاجتماع يمقل فرصة سانحة لبحث آليات تعزيز العمل الإسلامي المشترك بما يحقق الوقف الفوري لكافة الانتهاكات الإسرائيلية، ودعم ضمان إقامة دولة فلسطينية آمنة ومستقرة وفقا للقوانين الدولية ذات الصلة.
هذا، وسيجري خلال هذا الاجتماع انتخاب المكتب واعتماد جدول الأعمال وبرنامج العمل، وقراءة واعتماد تقرير الأمين العام للاتحاد، ووضع مشروع جدول أعمال اللجان الدائمة المتخصصة والأجهزة المتفرعة، والمصادقة على مشروع جدول أعمال الدورة السادسة والعشرين للجنة العامة للاتحاد، والدورة التاسعة عشرة لمؤتمر الاتحاد، قبل أن تتوج أشغال هذا الاجتماع باعتماد إعلان الرباط.
وتتكون اللجان الدائمة المتخصصة من لجنة الشؤون السياسية والعلاقات الخارجية، ولجنة الشؤون الاقتصادية والبيئة، ولجنة حقوق الإنسان والمرأة والأسرة، ولجنة الشؤون الثقافية والقانونية وحوار الحضارات والأديان؛ فيما تضم الأجهزة المتفرعة لجنة فلسطين الدائمة، ولجنة مؤتمر البرلمانيات المسلمات، وجمعية الأمناء العامين للمجالس الأعضاء في الاتحاد.
جدير بالذكر، أن اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، يضم 54 برلمانا عضوا، وقد تم إنشاؤه في 17 يونيو 1999، ويهدف إلى التعريف بسمو التعاليم الإسلامية والعمل على نشرها، وتوفير إطار لتحقيق تعاون وتنسيق بين مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وتعزيز اللقاءات والحوار فيما بين أعضائه، وتبادل الخبرات البرلمانية، فضلا عن مناقشة القضايا الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية التي تهـم الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي واتخاذ التوصيات والمقررات الملائمة بشأنها.
وتعتبر اللجنة التنفيذية هيئة من هيئات الاتحاد، وتجتمع مرتين على الأقل في السنة بحضور ما لا يقل عن عشرة من أعضائها الخمسة عشر، وتسهر على دراسة طلبات الانضمام إلى الاتحاد وإعداد وإبداء الرأي حول مشروع جدول أعمال كل من اللجنة العامة والمؤتمر، ورصد عمل وأنشطة الأمانة العامة، فضلا عن القيام بالمهام الأخرى التي تكلفها بها اللجنة العامة أو المؤتمر.