في إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي، كشف المبعوث الأممي إلى الصحراء، ستيفان دي ميستورا، عن تفاصيل زيارته الأخيرة لمخيمات تندوف جنوب الجزائر، ناقلًا قصصًا إنسانية صادمة وشهادات مؤثرة، أبرزها من شابة صحراوية وُلدت وعاشت حياتها بالكامل داخل المخيم، قالت له بمرارة: “عندما أموت، لا أريد أن أُدفن هنا. أريد أن أرى وطني، وأن أُدفن هناك.” واصفًا حديثها بأنه “قصة عاطفية مؤلمة”.
وخلال عرضه، أشار دي ميستورا إلى ما وصفه بـ”القلق المتزايد” بشأن الأوضاع الإنسانية في المخيمات، خاصة في ظل تخفيض الحصص الغذائية، محذرًا من احتمال توقف الدعم الإنساني بالكامل بحلول الصيف، إذا لم يتم تأمين تمويلات جديدة.
تسارع وتيرة الدبلوماسية والسباق مع الزمن
المبعوث الأممي أعرب عن أمله في أن تكون الأشهر الثلاثة المقبلة “حاسمة” في التقدم نحو تسوية نهائية لنزاع الصحراء، مؤكدًا أن جلسة أكتوبر المقبل قد تمثل “منعطفًا حاسمًا” لمجلس الأمن.
وأشار إلى وجود “تطورين حديثين” قد يُحدثان تحولًا في مسار القضية، أولهما تجديد التزام الولايات المتحدة بمبادرة الحكم الذاتي المقترحة من المغرب، والثاني يتعلق بتحسن نسبي في العلاقات الجزائرية الفرنسية، بما قد يفتح نافذة جديدة للتهدئة الدبلوماسية.
التحذير من التصعيد الإقليمي
وفي تحذير لافت، نبّه دي ميستورا إلى مخاطر اندلاع صراع إقليمي مفتوح بين المغرب والجزائر، في ظل استمرار القطيعة الدبلوماسية وسباق التسلح بين الجارتين، مؤكداً أن غياب الحل يزيد من هشاشة الاستقرار في المنطقة المغاربية.
مبادرة الحكم الذاتي تحت المجهر
وفي سياق بلورة خارطة الطريق الجديدة، شدد دي ميستورا على أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية يجب أن تكون “جادة” ومفصلة أكثر، داعيًا الرباط إلى توضيح الصلاحيات التي ستُمنح لسكان الصحراء. كما أشار إلى استعداد الإدارة الأمريكية الجديدة للانخراط بفعالية في الملف، مؤكدًا أن الأمم المتحدة ستكون مستعدة لدعم هذا المسار، تحت إشراف مجلس الأمن والأمين العام أنطونيو غوتيريش.
ويأتي هذا التحرك الأممي في وقتٍ تتزايد فيه الضغوط لإيجاد حل دائم وعادل للنزاع الممتد لعقود، وسط مطالب دولية بتجاوز الجمود السياسي وتغليب منطق التسوية على منطق التصعيد.