كتبنا سابقا عن حصيلة سنة من العمل السياسي للحكومة، التي أظهرت فشلا ذريعا في تنزيل الأوراش والأهداف، وتمسكت بالتغول العددي عبر عدد النواب البرلمانيين والقدرة على تمرير أي مشروع قانون عن طريق التصويت، واليوم نتحدث عن حصيلة سنة من العمل الحكومي فيما يتعلق بما هو اجتماعي.
انتهت سنة 2024 وهي تجر وراءها مشاكل سنة 2023، فملف التعليم وأزمته التي انطلقت في 2023 لم يتم الخروج منها إلا السنة المنقضية، وذلك نتيجة تعنت الحكومة، حيث كان الموضوع قابلا للحل في بدايته، لكن نتيجة سوء التدبير تم تعريض أبناء المغرب لضياع أربعة أشهر من الزمن الدراسي، وهو ملايين ساعات التدريس، ومن عبقرية الحكومة تم تعويضها بأسبوع نهاية السنة، وعادت الحكومة لتستجيب لمطالب الأساتذة بعد أن تدخل كل الوزراء في هذا الملف بمن فيهم وزير العدل، الذي قال لا يوجد من يلوي ذراع الحكومة قبل أن يلوي المحامون وكتاب الضبط ذراعه ويستجيب لمطالبهم.
وما إن انتهت أزمة التعليم حتى ظهرت أزمة كليات الطب التي طالت أكثر من اللازم، وضيعت الزمن الدراسي الطبي بشكل كبير، وتم التوافق على شيء غير طبيعي، بعد أن ضاعت السنة الدراسية برمتها تم التعويض بدروس عن بعد وامتحانات متأخرة جدا، وها هي أزمة طلبة الصيدلة تطل برأسها من جديد ليعود الملف إلى المربع الصفر.
وبالإضافة إلى ملف طلبة كليات الطب والصيدلة انفتح ملف آخر، وما زال حسابه مفتوحا، ويتعلق بأزمة المستشفيات، حيث ما زال الأطباء والأطر الطبية والتمريضية يقومون بإضرابات عن العمل تتوالى أحيانا طوال الأسبوع، وكلما تم فتح كوة لحل الملف تستأنفه الحكومة بطريقة أخرى.
واختارت الحكومة أسلوب الهروب إلى الأمام أو ما يسمى بالدارجة المغربية الأصيلة “سير تضيم” أو “جري طوالك”، في ملف خطير يتعلق بقانون تنظيم الإضراب، وهو قانون يحتاجه المغرب لأنه مرتبط بالاستثمار، لكن ما كان للحكومة أن تنفرد بصياغته، وأن تضرب بعرض الحائط كل النداءات من أجل فتح الحوار مع المعنيين بالأمر وخصوصا النقابات الممثلة في البرلمان وحتى غير الممثلة، وكذلك الفئات الاجتماعية وأيضا مع الباطرونا، باعتبار أن القانون يهم كل هذه الفئات، وقد تم تمريره عن طريق الأغلبية العددية ومن لم يعجبه الحال يضرب رأسه مع أقرب حائط أو يشرب البحر.
الملف الوحيد الذي نال حظا وافرا من المقاربة التشاركية هو مراجعة مدونة الأسرة، التي أمر جلالة الملك محمد السادس، بصفته أميرا للمؤمنين، بإعادة النظر فيها ضمانا لاستقرار الأسرة، حيث عرفت تشاورا كبيرا وتم الإنصات للجميع وتم تقديم مذكرات من قبل المؤسسات والمجتمع المدني والأحزاب السياسية وأعاد جلالة الملك عدة تعديلات إلى المجلس العلمي الأعلى ليقول كلمته فيها.
هذا الورش الناجح لم يعرف تفاعل الحكومة معه بالشكل المطلوب حيث بقي النقاش حوله حبيس وسائل التواصل الاجتماعي دون أن يرقى لنقاش حقيقي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
هكذا مضت سنة اجتماعية ببؤسها الحكومي ونستقبل أخرى نتمنى أن تكون أفضل من التي ودّعنا.