بدون مقدمات، المغرب طار وعلا في أفق النجاح حاملا معه فرح وغبطة الدول العربية والقارة الإفريقية ككل، طائرا بجناحين جناح المغاربة المقيمين بالداخل وكذا الجالية المغربية المقيمة خارج المغرب لكن داخل قلبها تغمره الدماء الحمراء المغربية التي تغلي بحب الوطن، يا لفرحة لم نحس بها منذ زمن طويل، لا نتحدث الآن في هذا المقال عن فرح العرس الرياضي غير المسبوق ولا تكتيكية المدرب الثاقبة، ولا اللعب الشامخ، لعب الكبار للمنتخب الوطني المغربي، ولا اقتحامه للمربع الذهبي “للمونديال” الذي شهد عليه القاصي والداني، لكن نتكلم عن حب الوطن وعن الأعلام المغربية التي ترفرف في كل بقاع العالم تهتف باسم المغرب ملكا وشعبا، وخصوصا الاستقبال الملكي السامي، عميق الدلالات الذي خص به جلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، مرفوقا بصاحب السمو الملكي، ولي عهده الأمير مولاي الحسن، إلى جانب، صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، أبناءه الأبطال، الذين أفرحوا وأدخلوا البهجة على أربعين مليون مغربي الذين جاؤوا على بكرة أبيهم لاستقبال محاربيهم الأشداء بالرباط، ناهيك عن فرحة القارة الإفريقية والعرب في كل بقاع العالم، حتى أمير قطر هتف بنجاح المغرب في المنصة الشرفية لملعب الدوحة بجانب زوجته وابنته..، الكل رأى النصر من خلال أسود الأطلس والكل انتشى فرحة تمثيل عرقه ودينه وجيناته، حيث إن أمهات لاعبي المنتخب المغربي كانت تغمرهن مشاعر الفرحة والفخر والغبطة بفلذات أكبادهن، فكان عرسا كرويا وحد كل العرب والأفارقة، الكل يهتف باسم المغرب ويلبس القميص الوطني بكل اعتداد واعتزاز. والكثيرون ما زالوا تحت تأثير صدمة القفزة النوعية التي قفزها الأسد يوسف النصيري، ليقفز معها المغرب درجات علا في أفق النجاح، وتغمر سماء “النية” التي غطت عقلية المغاربة وبدلت المفاهيم المغلوطة ورجعت بنا إلى الأصل… جذورنا، وثقافتنا، ووصايا أجدادنا وجداتنا، عن حسن مآل “مول النية”، “مول النية حاجته مقضية” “عمر مول النية ما يخاف”، “النية وقلت النية مايتلاقاوا”… وما إلى ذلك من المقولات المأثورة لأسلافنا بالتشبث بهاته القيم، فجاء مغربي ابن مغربي القائد “وليد الركراكي” في سنة 2022 وفي وسط أمواج العولمة وعصر السرعة فأرسانا إلى شاطئ قيمة “النية” والانتماء وكذا حسن الظن والتوكل على الله، لم يصطحب فقط المنتخب المغربي، بل رافقنا بتشجيعنا على الثقة بالله أولا والثقة بأنفسنا، أعطانا درسا في الحماس وعدم تصغير مواهبنا وقدراتنا، يا لهذا الكم من الرسائل الحميدة والمفيدة، التي من شأنها أن تدرس في أرقى وأسمى الجامعات يا لهاته الدعاية الجميلة لعلامة “المغرب”، حتى محرك “غوغل “لم يسلم من ثورة البحث عن اسم المغرب في منصته، يا لعظم هذا التاريخ الذي يكتب بمداد من ذهبوا والذي علينا استغلاله وإكمال المسيرة التي بدأها أبناؤنا أسود الأطلس، وأمهاتهم اللواتي أعطين صورة مشرفة عن دور الأم ومكانتها في مجتمعنا المغربي والعربي، وأن كيف “لرضاة الوالدين” أن تكون فوق كل اعتبار، وأن تكون هي سر الطاقة الخارقة للاعبين، ومنبع التربية الحسنة، حيث أشيد حتى بالمشجعين المغاربة الذين ما يفتؤون يغادرون مدرجاتهم حتى ينظفوها على أكمل وجه. ونعم التربية! وإنما الأعمال بالنيات!
سناء البوعزاوي
كاتبة وباحثة في علم الاجتماع و مختصة في التنمية الذاتية