بنك اتخذ مجموعة من الإجراءات يرى أنها ضرورية لضبط التوازنات المالية ومعالجة التضخم الذي شارف على سبعة في المائة. لا نقاش حول قرارات بنك المغرب باعتبار دوره تقني باعتباره دركيا للمال، وهي يجيب عن أسئلة تخص قيمة الدرهم ولا يمكن أن يجيب عن أسئلة تهم الحكومة وأخواتها من مؤسسات ينبغي أن تلعب دورها.
الحكومة قدمت استقالتها دون أن تعلن عن ذلك. الاستقالة نوعان: استقالة قانونية، وهذه لا يمكن أن ننتظرها أو حتى أن نحلم بها بالنظر للتشبت الأبدي للوزراء بالكراسي حتى أنهم يقومون بإجراءات تخصهم كأنهمخ لن يرحلوا يوما ما. واستقالة عملية وهي الحاصلة اليوم وهي التي تجسد قرارات وإجراءات الحكومة.
الاستقالة العملية ليست ادعاءا ولكن هي كناية عن تحول الحكومة إلى لعب دور “شركة مناولة” دورها التدبير اليومي للمرافق دون تفكير استراتيجي ودون خطة، وأي أزمة تعرفها البلاد حلها بسيط: تلصقها في المجتمع.
عندما إن بنك المغرب ليس دوره أن يبحث عن حلول للحكومة فهو مكلف بإدارة الأزمة المالية، لكن الحكومة هي المكلفة بالجواب عن أزمة الغلاء. في كثير من الدول هناك الأزمة نفسها التي نعيشها، حتى في أكبر قوة اقتصادية في العالم، التي هي الولايات المتحدة الأمريكية، هناك تضخم وصل إلى حوالي سبعة في المائة، وقد أثر ذلك على التوازنات المالية، وأثر على حياة المواطنين، لكن في المقابل هناك تدخلات للدولة عن طريق الإعانات، التي تعم كافة الأفراد..لأن الدولة رأسمالية ولا يمكنها أن تتدخل في الأسعار فإنها تتدخل لإنقاذ جيوب المواطنين.
وفي كل بلد هناك تفكير خاص من أجل مواجهة أزمة التضخم، فهناك بلدان تتدخل مباشرة لأداء فارق الأسعار وهناك دول تبحث عن حلول أخرى، وهي موجودة لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، باستثناء حكومة عزيز أخنوش، التي اعتبرت المواطن هو الحل الوحيد لكل الأزمات، فالتضخم يؤدي ثمنه المواطن، المتروك لحال سبيله.
الحكومة لا يهمها ما يتعرض له المواطن من إنهاك مالي واجتماعي، ولا يهمها ما يترتب عن ذلك من مشاكل نفسية واجتماعية، فهي مشغولة عنا بتحقيق التوازنات لـ”تجمع المصالح الكبرى”، وكل همها ألا تخسر الشركات الكبرى، اما الصغرى والمتوسطة فلا يعنيها أصلا أن تموت.
عندما نتحدث عن استقالة الحكومة فنحن نتحدث عن استقالة عملية لا استقالة قانونية، وليست لدى أخنوش ووزراؤه الشجاعة لتقديم استقالاتهم نتيجة الفشل في تدبير الشأن العام والالتزام بالعهود التي قطعوها على أنفسهم والوعود التي أطلقوها تجاه الناخبين، ولم يحققوا منها شيئا واحدا ولا وعدا واحدا وفوا به، لكن لا يمكن أن تنتظر منهم الاستقالة ولكن مزيدا من قهر الشعب عبر ترك حبل الأسعار على غاربه.