عادت أجواء التوتر لتخيم مجدداً على العلاقات الجزائرية – النيجرية، بعد تصاعد عمليات طرد المهاجرين الأفارقة من الجزائر نحو أراضي النيجر، في ظروف وصفتها تقارير إعلامية نيجيرية بـ”غير إنسانية”، وسط صمت رسمي من نيامي، وقلق متزايد من منظمات حقوقية دولية.
وبحسب مصادر إعلامية، فقد تجاوز عدد المهاجرين الذين طردتهم السلطات الجزائرية منذ مطلع أبريل الجاري نحو خمسة آلاف شخص، معظمهم من جنسيات إفريقية، بينهم عدد كبير من رعايا النيجر. وأشارت قناة “Télé Sahel” العمومية، التابعة للإعلام الرسمي في النيجر، إلى أن “السياسة المعتادة التي تنتهجها الجزائر، دون اعتبار للقوانين والاتفاقيات الإفريقية والدولية، أدت إلى الترحيل الجماعي لآلاف المواطنين الأفارقة”، واصفة ما يجري على الحدود الشمالية بـ”أزمة إنسانية قد تتحول إلى كارثة حقيقية”.
ويأتي هذا التصعيد في وقت تشهد فيه العلاقات بين الجزائر ودول الساحل الثلاث (مالي، النيجر، بوركينا فاسو) توتراً دبلوماسياً غير مسبوق، بلغ ذروته بعد إسقاط الجيش الجزائري لطائرة مسيرة تابعة للجيش المالي كانت تستهدف جماعة الطوارق المطالبة بالحكم الذاتي في شمال البلاد، وهو ما دفع باماكو إلى سحب سفيرها من الجزائر، لتتبعها النيجر وبوركينا فاسو بخطوة مماثلة.
وكانت نيامي قد احتجت مراراً في السابق على ترحيل المهاجرين قسراً إلى أراضيها، وسبق أن استدعت في أبريل من العام الماضي السفير الجزائري لديها للتنديد بما اعتبرته “الطابع العنيف لعمليات الطرد”، وهو ما ردت عليه الجزائر بسحب سفيرها ورفض الاتهامات.
ويرى مراقبون أن قرار الجزائر تسريع وتيرة الترحيل، في هذا التوقيت بالذات، قد لا يكون مجرد إجراء داخلي مرتبط بسياسات الهجرة، بل يحمل رسائل سياسية موجهة إلى نيامي، على خلفية موقفها التضامني مع مالي، في ظل الأزمة المتفاقمة بين الجزائر ودول الساحل.
في المقابل، تحذر منظمات حقوقية من أن استمرار هذه الممارسات دون إطار قانوني واضح أو تنسيق إنساني قد يزيد من زعزعة الاستقرار في المناطق الحدودية للنيجر، التي تواجه بدورها تحديات أمنية واجتماعية معقدة.
وتتجه الأنظار خلال الأيام المقبلة إلى موقف السلطات النيجرية، وما إذا كانت ستتجه نحو التصعيد الدبلوماسي مجدداً، في ظل غياب أي مؤشرات على تراجع الجزائر عن سياستها الحالية في التعامل مع ملف المهاجرين غير النظاميين.