في نونبر من سنة 2018، دشن جلالة الملك محمد السادس نصره الله خطوة تاريخية بوضع المغرب على سكة الريادة الإفريقية، بإعطائه انطلاقة تشغيل أول قطار فائق السرعة في القارة: “البراق”.
لم يكن الأمر مجرد مشروع نقل عادي، بل لحظة فارقة دشّنت مرحلة جديدة من التنمية المندمجة والرؤية الطموحة لمغرب المستقبل.
“البراق”، الذي يشق المسافة بين طنجة والدار البيضاء في وقت قياسي، أضحى رمزًا للحداثة والتنقل المستدام، وقاطرة فعلية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
فهو لا يربط بين مدينتين فقط، بل يجمع بين رئتين نابضتين للاقتصاد المغربي: الدار البيضاء، القلب الصناعي والمالي، وطنجة، التي تحولت في ظرف سنوات إلى منصة صناعية عالمية بفضل مينائها المتوسطي العملاق.
هذا الربط السريع لم يكن له أن يمر دون أثر، فقد سجّل البراق في 2024 رقمًا مهمًا تجاوز 5.5 ملايين مسافر، مما يعكس الإقبال الكبير على هذه الوسيلة العصرية، ويؤكد دورها في تسهيل تنقل الأفراد، وتحفيز الاستثمارات، وتعزيز جاذبية المغرب كبوابة استراتيجية بين إفريقيا وأوروبا.
لكن ما يميز “البراق” ليس فقط سرعته، بل كونه أيضًا مشروعًا بيئيًا، إذ يشتغل بالطاقة النظيفة، ويساهم في تخفيف الضغط على الشبكة التقليدية، ما يسمح بتحسين خدمات القرب داخل المدن الكبرى كالرباط والدار البيضاء ومراكش.
واليوم، ومع توجه الأنظار نحو تمديد الشبكة فائق السرعة لتشمل خط القنيطرة–مراكش، يبدو أن المملكة تمضي بثبات نحو تكريس نموذج نقل سككي أكثر كفاءة واستدامة، يواكب تطلعات مغرب 2030، ويعزز دوره في محيطه القاري.
“البراق” ليس مجرد قطار.. بل هو عنوان لمغرب يسرع الخطى نحو المستقبل، تحت قيادة ملك جعل من البنية التحتية ركيزة للإقلاع الشامل.