في وقت يُراهن فيه المغرب على السرعة، ليس فقط في القطارات بل في التنمية أيضًا، بدأت ملامح مشروع الخط فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش تخرج من الورق إلى التربة.
الأمر لم يعد مجرّد فكرة طموحة على المكاتب، بل ورشة ضخمة تقودها شركات من ثلاث قارات، كل واحدة تمسك بقطعة من المسار الطويل الذي سيربط الشمال بالجنوب بسرعة خارقة.
البداية كانت من الشمال، وتحديدًا من سيدي إيشو نحو الرباط، حيث أوكلت مهمة شقّ هذا المقطع الذي يمتد لـ62 كيلومترًا إلى العملاقة الصينية CREC 4، بصفقة تُقدّر بحوالي 3,4 مليار درهم.
ثم تأتي Shandong hi-speed، شقيقتها من نفس البلد، لتتولى 64 كيلومترًا أخرى بين الرباط أكدال وزناتة، في صفقة أثقل قليلًا: 4 مليارات درهم.
في وسط هذا المسار، اختلطت الألوان والرايات. فرنسية – مغربية هذه المرة، GTR/STAM تتكفّل بالتفاف الدار البيضاء نحو برشيد، على مسافة 36 كيلومترًا، بمبلغ يقارب 4,6 مليار درهم.
المغاربة لم يغبوا عن المشهد. شركة TGCC أخذت المشعل في الشطر الرابع بين برشيد وسطات، بـ51 كيلومترًا، مقابل 2,8 مليار درهم. بعدها، عادت اليد الصينية عبر CRCC 20 لبناء مقطع سطات – بنجرير، حوالي 36 كيلومترًا، بقيمة 1,8 مليار.
الاقتراب من مراكش لا يقلّ إثارة. Jet Contractors المغربية أمّنت الطريق نحو النخيل بـ60 كيلومترًا و2,1 مليار درهم، بينما Mojazine ستربط ضاحية النخيل بمراكش، عبر 62 كيلومترًا إضافية، مقابل 2 مليار.
ثم هناك العقدة الهندسية الأجمل في المشروع: جسر أبي رقراق، المعلق فوق الوادي على أكثر من 1890 مترًا، تحت إشراف SGTM المغربية، بصفقة تقدّر بحوالي 2 مليار درهم. مشروع بهذه الدقة أشبه بجراحة معمارية مفتوحة.
ولا يكتمل المسار من دون جسور على الأودية الستة التي تعترض الطريق. هنا دخلت CGGC الصينية على الخط، لإنجاز هذا الشطر بـ2,32 مليار درهم. وأخيرًا، COVEC، شركة صينية أخرى، أُسند إليها الشطر الخاص بالدار البيضاء الكبرى، بقيمة 1,3 مليار درهم.
قطار المستقبل المغربي لا يُبنى فقط بالحديد والأسمنت، بل بتحالفات دولية، ورؤية تتجاوز النقل إلى ربط المدن الكبرى بسلاسة، وتنشيط الاقتصاد عبر السرعة.
وفي كل مقطع من هذه السكّة قصة… وفي النهاية، الهدف واحد: الوصول من القنيطرة إلى مراكش في وقت قياسي، وبأسلوب يليق بمغرب يتسابق مع الزمن.