شكلت “معالم الرأسمال اللامادي في السيرة النبوية” محور لقاء نظمه المجلس العلمي المحلي للقنيطرة، أمس الثلاثاء، في إطار الأسبوع الرابع عشر للسيرة النبوية المشرفة، وذلك احتفاء بذكرى مولد خير البرية.
وشكلت هذه التظاهرة، المنظمة بشراكة مع عمالة إقليم القنيطرة، والتي تميزت بحضور رئيس المجلس العلمي الجهوي للرباط-سلا-القنيطرة، محمد أصبان، ومشاركة ثلة من العلماء والباحثين، مناسبة لإبراز “منظومة القيم التي هي مخزون المغاربة الذي لا ينضب”، والتي تجد سندها في السيرة النبوية العطرة.
وفي كلمة بالمناسبة، قال رئيس المجلس العلمي المحلي للقنيطرة، يونس الصباري، إن موضوع التظاهرة بقدر ما يكتسي قدرا بالغا من الراهنية، يعمل على “الاحتفاء بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، بما هو رسول الرحمة والهدى”، مضيفا أن “الأمة الإسلامية برمتها مستبشرة بميلاد النبي صلى عليه وسلم”.
وسجل أن المغرب “البلد المجل والمحب والمعظم لرسول الله، يجعل لهذا التوقير للجناب المحمدي تعبيرات متعددة”، مشيرا إلى أن جمهور العلماء أباحوا الاحتفال والاحتفاء بمولد خير البرية، من خلال فتح المساجد والزوايا والرباطات، لتلاوة القرآن الكريم، ومدح خير الآنام. وأوضح السيد الصباري أن تنظيم هذه التظاهرة، التي تتواصل فعالياتها إلى غاية 7 أكتوبر المقبل، يسعى إلى بلوة الشخصية المسلمة في السياقات الحالية، من خلال التأسيس على السيرة النبوية، مشددا على ضرورة تصحيح المفاهيم المتصلة بها.
ولفت، في هذا الصدد، إلى أن موضوع التظاهرة ينسجم مع خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس حول الرأسمال اللامادي، الذي دعا فيه جلالته العلماء إلى تحديد مقتضياته وضبطه، من خلال تجاوز المفهوم التقليدي للتنمية، خصوصا وأن التجربة الإنسانية المعاصرة، أبانت عن قصور المشاريع التنموية التي تغفل الجوانب اللامادية.
وأبرز أن تمثل الدين يجعله مركزيا على الصعيد المجتمعي، مشيرا إليه كـ “مهاد أول للعمران، ومن خلال السيرة النبوية أيضا، التي تعتبر البيان العملي للدين في تمثل قيمه ومقاصده كمرجع أساسي للرأسمال اللامادي”.
وفي سياق ذي صلة، أشار رئيس المجلس العلمي المحلي للقنيطرة إلى أن رصيد الأسبوع الرابع عشر للسيرة النبوية المشرفة بلغ 58 ندوة و101 محاضرة على صعيد الإقليم برمته.
من جهته، دعا الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى، سعيد شبار، إلى استيعاب الدلالة الرمزية للسيرة النبوية، بما تنطوي عليه من معان لامادية، مضيفا أنها هي الإطار المرجعي لفهم الوحي، و”التمثل الأول له”.
وأوضح أن الغاية من السيرة النبوية تكمن في حسن استيعاب كلمات الوحي، وإبراز كيفية فهم الرسول لواقعه المليء بالتحديات، مسجلا الحاجة إلى دراسة السنة النبوية، وضبط معالم المنهج النبوي، مع التركيز على الجوانب المعنوية في السيرة النبوية.
وأشار إلى أن تظاهرة من هذا القبيل بقدر ما تعمل على تحقيق التبرك بالجناب المحمدي، تعلي من الجوانب العلمية التي تعنى بالمنهج، مؤكدا أن “التدين السليم رهين بمنهج سليم ينكب على فهم الدين، بما يحقق للشرع مقاصده، وينزل مناطاته”.
وخلص الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى إلى القول إن النص الديني لم يتسم قط بـ “الجمود، بل يحكمه الإطلاق والديمومة، مع استيعاب الزمان والمكان، وهذا هو جوهر الدين”