نشرت صحيفة القدس العربي مقالا للمعطي منجيب، الذي حمل ألقاب المؤرخ والمناضل الحقوقي والجامعي، حول العفو الملكي على معتقلين من أحداث الحسيمة وجرادة، وحاول أن يتمنطق ف”تزندق” معرفيا وتاريخيا، واعتبر منجيب أن العفو الملكي هو اعتراف بأن هؤلاء المعتقلين أبرياء زجت بهم آلة السلطة في السجن ظلما.
هنا انقلب المنطق بشكل سيء لن يبقى معه أي فكر مستقيم ويمكن قلب كل حقيقة، فإذا كان العفو الملكي يعتبر المعتقل بريئا فإنه تحول إلى مسطرة قضائية، وهو ليس كذلك، هو صلاحية يحوزها الملك بقوة القانون والدستور، وتهم معالجة حالات تأكد حسن سلوكهم أو قضايا اجتماعية أو الرغبة في تحسين شروط المصالحة.
فالذين يتم العفو عنهم ينتمون لفئات عديدة ومنهم متهمون بالقتل يتم تحويل عقوبة الإعدام إلى المؤبد أو المحدد، ومنهم مرتكبو جرائم عديدة، يخضعون لمعيار حسن السلوك أو بعض ممن يتم الإفراج عنهم لظروف إنسانية، ولو كان ما قاله منجيب صحيحا لكان هؤلاء كلهم أبرياء وراء القضبان، ولكن المنطق لما يسقط بيد “الجهلة” يصبح عالة على أهل الفكر والكتاب.
وعاد منجيب للتاريخ ليتحدث عن وقائع العفو بما في ذلك العفو عن المتهمين في محاولة اغتيال ولي العهد، وكان هذا العفو محاولة للصلح وبناء مغرب جديد، ولكن المذكرات الصادرة فيما بعد سواء مذكرات بنسعيد أو الفقيه البصري أو الراضي أو اليوسفي تؤكد كلها صحة الوقائع لكن الظروف اقتضت العفو عن كثير من المعتقلين، وكذلك الشأن بالنسبة لمعتقلين آخرين من تنظيمات عديدة، كان الغرض من العفو عنهم هو التأسيس للمصالحة السياسية دون اعتبارهم أبرياء بتاتا وهم كلهم اعترفوا بذلك ويكفي شهادة المرحوم أحمد بنجلون كدليل على التورط في الأحداث.
فمعتقلو الحسيمة وجرادة ارتكبوا جرائم وجنح يعاقب عليها القانون، والعفو عنهم لا يعني براءتهم من التهم ولكن عطفا ملكيا استجابة لنداء المجتمع والعائلات وندم المعتقلين.