دافع أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، عن المنهجية المغربية الخاصة بمراجعة مدونة الأسرة، والتي تستند إلى عرض المقترحات على المجلس العلمي الأعلى لاستطلاع الرأي الشرعي.
وأكد التوفيق أن هذه الخطوة تنبع من طبيعة النظام المغربي الذي يقوم على مبدأ البيعة الشرعية بين إمارة المؤمنين والعلماء، وهو نموذج فريد حافظ عليه المغاربة تاريخياً.
وجاءت تصريحات التوفيق خلال لقاء اليوم، الثلاثاء، خصص لتقديم المقترحات الجديدة المتعلقة بمراجعة مدونة الأسرة. وأوضح الوزير أن “الاستفتاء” الذي وجّهه الملك للعلماء بشأن التعديلات المقترحة يعكس الخصوصية المغربية، حيث أن النظام يقوم على بيعة مكتوبة تربط العلماء وأمير المؤمنين، وهو أمر نادر ولا يوجد في بلدان أخرى.
وأشار التوفيق إلى أن المشروعية التي يمنحها النظام المغربي لولي الأمر تُلزم الأخير بحماية الكليات الخمس التي تشمل الدين، والأمن، والنظام العام، والعيش الكريم، والكرامة. وأضاف أن عملية الإفتاء، التي يقوم بها العلماء، تخضع لقواعد صارمة وتستند إلى النصوص الشرعية وترتيب مصادر التشريع.
وأكد التوفيق أن الملك، على الرغم من تفويض العلماء، لم يخالف أي توصية شرعية صادرة عنهم، بل يحملهم المسؤولية الكاملة، ويدعمهم بالحرية والثقة لاتخاذ القرارات المناسبة. كما شدد على أهمية دور العلماء في تعزيز علاقة الرجل بالمرأة وفقاً لمبدأ المعروف الذي دعا إليه القرآن الكريم.
وكشف الوزير أن المجلس العلمي الأعلى أبدى موافقته على أغلب المسائل الـ17 التي أحالها الملك عليه للنظر الشرعي. وتضمنت هذه المسائل قضايا حساسة مثل إمكانية استخدام الخبرة الجينية لإثبات النسب، وإلغاء العمل بقاعدة التعصيب، والتوارث بين المسلم وغير المسلم، والتي أكد المجلس أنها تستند إلى نصوص قطعية لا تجيز الاجتهاد.
وفي المقابل، أعرب المجلس عن موافقته الشرعية على مقترحات تشمل تمكين المغاربة المقيمين بالخارج من عقد الزواج دون الحاجة إلى شاهدين مسلمين في حال تعذر ذلك، وتخويل الأم الحاضنة النيابة القانونية عن أطفالها، واحتساب عمل الزوجة المنزلي ضمن المساهمات المالية المشتركة، إضافة إلى إجراءات تتعلق بالنفقة وحضانة الأطفال والذمة المالية المشتركة.
اختتم التوفيق حديثه بالتأكيد على أن مراجعة مدونة الأسرة تأتي ضمن رؤية شمولية توازن بين الشرع والتحديات الاقتصادية والاجتماعية. وأوضح أن هذا النموذج يعكس خصوصية النظام المغربي الذي يزاوج بين الحفاظ على المرجعية الدينية والاستجابة لمتطلبات العصر.