على مدار السنوات الأخيرة، برزت شخصيات مشبوهة في ساحة الإعلام الدولي ومنصات التواصل الاجتماعي، تدّعي امتلاك معلومات حصرية حول قضايا أمنية وسياسية حساسة في المغرب.
ومن بين هؤلاء، مهدي حجاوي، الذي قدم نفسه كـ”الرجل الثاني” في جهاز الاستخبارات المغربي، وهشام جيراندو، الناشط على منصات التواصل الذي يزعم أنه يحارب الفساد. لكن تحقيقات معمقة وتقارير أمنية كشفت أن كلا الرجلين ليسا سوى محتالين دوليين متورطين في شبكات إجرامية، مستغلين الإعلام لنشر الأكاذيب وتشويه صورة المغرب على الساحة الدولية.
وفقًا للعديد من المراقبين ، فإن مهدي حجاوي ليس سوى موظف بسيط سابق في المديرية العامة للدراسات والمستندات (DGED)، والذي استُبعد بسبب عدم كفاءته وتورطه في أنشطة مشبوهة. ورغم ذلك، نجح في تسويق نفسه كخبير استخباراتي عبر الصحافة الأجنبية، حيث تم تصويره في بعض وسائل الإعلام الإسبانية كـ”الرجل الثاني” في الاستخبارات المغربية، وهو ادعاء يتناقض تمامًا مع الهيكل الإداري للجهاز، الذي يعمل وفق مؤسسات لا تُصنف مسؤوليه بشكل فردي كما يُروج.
لكن خلف هذه الصورة الإعلامية الملفقة، كشفت تحقيقات أمنية أن حجاوي تورط في عمليات احتيال مالي ضخمة استهدفت رجال أعمال مغاربة، حيث استولى على ملايين الدراهم بعد وعود كاذبة بترتيب هجرتهم إلى أوروبا. كما تشير تقارير إلى صلاته بشبكات دولية متورطة في تهريب المخدرات وتبييض الأموال، وهو ما أدى إلى صدور مذكرة توقيف دولية بحقه في سبتمبر 2024.
وعلى الجانب الآخر، يقدم هشام جيراندو نفسه كناشط يحارب الفساد في المغرب، حيث ينشر فيديوهات على منصات مثل تيك توك ويوتيوب، يتهم فيها شخصيات مغربية رفيعة المستوى بجرائم مالية وأخلاقية دون أي دليل موثوق. لكن وفقًا لقرار المحكمة العليا في كيبيك، فقد أدين جيراندو بتهمة “ازدراء المحكمة” بعد رفضه الامتثال لأمر قضائي بإزالة منشورات تشهيرية ضد محام مغربي.
وفي تحقيق أجرته صحيفة “لابريس” الكندية، تبيّن أن جيراندو ليس فقط ناشطًا إلكترونيًا، بل هو شخص خاضع لتحقيقات من قبل شرطة مونتريال، بعد تورطه في تهديدات ضد قاضٍ مغربي كان مسؤولًا عن قضايا الإرهاب. هذه الخلفية تكشف أن جيراندو ليس سوى شخصية مثيرة للجدل، توظف خطاب “محاربة الفساد” للتغطية على أنشطة غير قانونية، ومحاولة كسب التعاطف الجماهيري لأهداف مشبوهة.
ويرى خبراء في الإعلام والسياسة أن حجاوي وجيراندو ليسا سوى مثالين على ظاهرة أوسع، حيث يتم استغلال الصحافة الأجنبية ومنصات التواصل الاجتماعي لنشر معلومات مضللة حول المغرب. الهدف من هذه الحملات، بحسب المراقبين، هو خلق صورة مغلوطة عن البلاد، وتقويض مصداقية مؤسساتها الأمنية والقضائية، من خلال شخصيات هامشية تدّعي امتلاك معلومات “حصرية” بينما هي في الواقع متورطة في أنشطة إجرامية.
وفي هذا السياق، يشير العديد من المراقبين إلى أن العديد من الجهات المعادية للمغرب تستخدم شخصيات لتمرير رسائل مغرضة، مستغلة طبيعة الصحافة الاستقصائية التي تبحث عن القصص المثيرة، حتى لو كانت مصادرها مشبوهة”.
ومع انتشار الأخبار الزائفة، يجد المغرب نفسه في مواجهة حملات تشويه تستغل شخصيات فاقدة للمصداقية مثل مهدي حجاوي وهشام جيراندو، اللذين انتقلا من عالم الاحتيال إلى عالم التضليل الإعلامي. وبينما تستمر الجهات الأمنية والقضائية في تتبع أنشطتهما، تبقى التحديات الكبرى قائمة أمام الصحافة الجادة لفضح مثل هذه الألاعيب وكشف الحقائق بعيدًا عن الإثارة والتضليل.