أجمع خبراء و أطر صحية و نقابية على أن جائحة كورونا كشفت عن اختلالات ونواقص كبيرة و متعددة، حيث أصيب النظام الصحي الوطني بأعطاب كبيرة، وعدم القدرة على التحمل في تقديم الخدمات الصحية المطلوبة في حالة الاصابة بكوفيد 19 ، نظرا لصعوبة الوضع وضعف الامكانيات البشرية واللوجستيكية، رغم ما بدلته الاسرة الصحية من مجهودات جبارة وغير مسبوقة في انقاد حياة المصابين وتقليص معدل الاماتة، فهي التي تحملت العبئ الاكبر ، بتواجدها المستمر في الصفوف الامامية للمواجهة، بجانب ما بدلته السلطات المحلية والأمنية من مجهودات كبيرة ايضا من أجل فرض احترام قانون حالة الطوارئ الصحية، لمنع انتشار المرض والإصابات القاتلة وسط المواطنين .
وسجل تقرير الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، أن أكبر هفوة وإخفاق في التدبير تتعلق بشكل رئيسي في صدور قرارات سياسة مرتجلة ومتسرعة، وأحيانا صادمة من لدن صناع القرار الحكومي، والاختباء وراء اللجنة العلمية، لتمرير مواقف ثقيلة من القيود والاجراءات، وأحيانا بطرق تتنافى كلية مع حقوق الانسان، أمام ضعف طريقة التواصل والاقناع في حالات محدودة ونادرة جديدة حيث كانت لتصريحات بعض أعضا، اللجنة العلمية والتقنية نتائج سلبية معكوسة لدى الراي العام، وفتحت أمامها جبهات الرفض والتحدي، وفقدان الثقة، واتساع دائرة ثقافة نظرية المؤامرة، كما فتحت، يضيف التقرير، “جبهات وأبواب طوفان مرعب من المعلومات والأخبار الكاذبة والتحليلات الزائفة والصور الملفقة والفيديوهات المفبركة، التي يجري تداولها وانتقالها بين الناس، وظهر اشباه “الخبراء، والمحللين” وخبراء ازمة كوفيد أو تجار الازمة، منهم مع الأسف مغاربة من خارج الوطن وداخله يدعون توفرهم على معطيات علمية ، حول خطورة هذا اللقاح أو ذاك، وبعضهم مأجورين لدى مختبرات أو لهم أهداف خسيسة ضد وطنهم، كما هو الشأن بحالة مرضية من الولايات المتحدة الأمريكية، يروجون لمغالطات وأخبار زائفة ، حول تدبير المغرب لجائحة كوفيد -19، رغم تفوقه في عدة مجالات، لكن تحليلاتهم تجد مكانتها في هذا الوضع الوبائي رغم افتقادها لسند علمي. لكون فئات واسعة تعتبرها صحيحة رغم زيفها ، وكانت لها اثار سلبية على النتائج الميدانية ،وذلك في غياب خطة اعلامية تواصلية مدروسة، تتصدى لهذا الغول الإعلامي المتخصص في صناعة الأخبار الزائفة والمضللة، وتفضحه وتعريه، فضلا غياب الحضور الرسمي للجنة العلمية والتقنية امام الراي العام ببلاغات تحليلية علمية يقدمها رئيسها، وتكون ملزمة للجنة العلمية، لتساهم في بناء الوعي الجمعي الشعبي ليكون قادراً على التمييز بين بين الحقيقي والمزيف. وتتصدى للماجورين لفائدة المختبرات الدولية وما اكثرهم”.
و دعا تقرير الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، إلى توفير مستلزمات الصحة الإجتماعية وفي مقدمتها الموارد البشرية، والأدوية لتفادي ارتفاع الوفيات من أجل ضمان المناعة الصحية والسيادة الصحية، ووضع سيناريوهات التعامل مع الأزمة في مختلف جوانبها الصحية والاقتصادية والاجتماعية والعمل مع المجتمع المدني والأعلام والمواطنين من خلال اتصال فاعل، صادق للتغلب على الشائعات والقلق والخوف المتوقع، واختيار متحدث رسمي باسم اللجنة العلمية من ذوي الكفاءات العلمية وعالي المصداقية، لإرسال رسائل موثوقة متجانسة وصريحة ومستمرة وواقعية.
وأكد التقرير على أن المغرب حقق نتائج جد إيجابية، مند أول ظهور أولى الاصابات بفيروس كورونا المستجد وهذا بشهادة منظمة الصحةالعالمية ، حيث تأهب المغرب لمواجهته، واتخد عدة اجراءات في إطار قانون الطوارئ الصحية ، بدءا بالحجر الصحي مرورا بالاغلاق الكلي أو الجزئي ، وصولا إلى عملية التطعيم المجاني، للتقليل من حجم الخسائر التي تحدثها الجائحة في جبهات متعددة، بشرية واقتصادية وسياسية واجتماعية.
وأوضح التقرير أن المغرب اجتاز المرحلة الصعبة بسلام وتحققت نتائج ايجابية، لا يمكن الاستهان بها، مشيرا إلى أنه منذ بداية أزمة كورونا وانتشار الفيروس بسرعة، حضرت الارادة الملكية التي أوصت باتخاد عدة تدابير اجراءات وقائية استتنائية لمنع انتشار جائحة كوفيد -19 وحماية امن وصحة وحياة المواطنين، وتدابير اقتصادية و اجتماعية استتنائية ايضا للحد من اثارها السلبية على معيشة الأسر المغربية، خاصة في ظل ضعف شبكات الحماية الاجتماعية، والرقم المهول للأسر التي تشتغل في اقتصاد غير المنظم ” 4.5 مليون اسرة ” و افلاس عدة مقاولات “ازيد من 2000 مقاولة ” و فقدان الآلاف من الوظائف، ما يقارب من مليون وظيفة فضلا عن هشاشة الشغل وعدم استقراره، وارتفاع اسعار المواد الغدائية بشكل صاروخي وماتزال الى اليوم ، وتعطل خدمات الرعاية الصحية والتعليم ، وتزايد حدة الركود الاقتصادي ” تحقيق نسبة النمو اقل من 2% .
وأبرز التقرير أن هناك “مجموعة أخطر من الفيروس نفسه وهي المعطيات والأكاذيب والتضليل المنظم والموجه، الذي يصدر عن تجار الازمات والمتاجرين بصحة الناس، وعبر الانترنيت ووسائط التواصل الاجتماعي، ويخدمون أجندات مختبرات معينة أو جهات ولحسابات شخصية مقيتة، يتقنون فن نظرية المؤامرة”، كما ساهمت الحكومة، يضيف المصدر ذاته، بقراراتها المتسرعة وتنزيلها بين عشية وضحاها ودون سابق إنذار، تحت مبررات حالة الطوارى الصحية ويتم تنفيذها بطريقة زجرية عنيفة وعقابية، بما فيها تنزيل جواز التلقيح ، والدفاع عنه بلغة تجعل المواطن يفقد ثقته في العملية برمتها ويشكك في صحة ما يصدر عن الدولة نفسها من قرارات حول مواجهة الجائحة، في غياب البدائل بعد الإغلاق أو المنع من التنقل والسفر، خاصة امام انسداد الافق يلجأ المواطن الى تصديق وترويج، كل ما يصدر عن تجار وخبراء الازمة وأبواق الاسترازق، بخصوص الجائحة إلى درجة أن وسائط التواصل الاجتماعي أضحت تعج بخبراء الازمة الصحية.
وشدد التقرير على أنه يجب بناء هذه الاستراتيجية حسب المتغيرات وتطورات الجائحة والاستفادة من تجارب دول اخرى ناجحة ، لانجاز تقييم ميداني للوضع، والحد من تقارير وتحاليل المكاتب المغلقة، هذا فضلا عن تقييم عملية التطعيم ومعرفة أسباب العزوف لدى فئات مجتمعية واسعة، لإصلاح الاعطاب حيث مايزال كثيرون يسألون عن نجاعة التطعيم، وآخرون متخوفون من عواقبه على المدى البعيد ومن الآثار غير المعروفة للقاح، وآخرون غاضبون من الحكومة.