فاقم “الغياب الحكومي” و الصمت الحكومي امام هول الأسعار في المغرب، الوضعية الإقتصادية وأزم الأوضاع الاجتماعية لجميع الفئات في المغرب، دفع النقابات الى الخروج للشارع لتنبيه الحكومة من خطورة الأسعار على الاستقرار في المغرب، ودفعت الحكومة بالمغاربة الى الشارع للمطالبة بتسقيف أسعار المحروقات أمام تعنت حكومي غير مفهوم، قبل أن ترتفع الدعوات بشعار “أخنوش إرحل” على فضاءات التواصل الاجتماعي، بعدما اكتوى المغاربة بنار لهيب الأسعار، إرتفع معها الغضب الشعبي مع إعلان مهنيي النقل و اللوجستيك بزيادة 20 بالمائة في اسعار النقل السلع و البضائع و المسافرين، مما سيرتفع معه اسعار جميع السلع و البضائع.
و قررت الجمعية المغربية للنقل واللوجستيك بالمغرب الزيادة في أسعار النقل واللوجستيك إلى 20 % من أجل مواجهة ارتفاع أسعار الكازوال التي تجاوز ثمن اللتر الواحد 10 دراهم بدءا من اليوم الاثنين 14فبراير الجاري، وأوضح بلاغ أصدرته الجمعية المغربية للوجستيك المنضوية تحت لواء الفيدرالية الوطنية للنقل المتعدد الوسائط، بمعية فيدرالية النقل و اللوجستيك التابعة للإتحاد العام للمقاولات المغرب، أن أسعار النقل واللوجستيك لم تعرف أي ارتفاع منذ 2015 ، مما اضطرها اليوم للرفع من التعريفة إلى 20 % على خلفية ارتفاع أسعار الكازوال لمستويات قياسية.
وتنامت شكاوى من قبل جمعيات المستهلكين والهيئات النقابية والحقَقية والسياسية من ارتفاع أثمان المواد الغذائية التي عمقت جراح ما ألهبته كورونا منذ مارس2020، والتي اضاعت ملايين فرص العمل وشردت آلاف الأسر وألهبت جيوب المواطنات والمواطنين، مع الزيادة الكبيرة التي عرفتها أسعار المحروقات مؤخرا، عبر مهنيو قطاع سيارات الأجرة عن سخطهم وتنديدهم بهذه الزيادات التي تثقل كواهلهم، مطالبين الحكومة بالتدخل وتخفيف العبء عنهم.
من جهتها أكدت النقابة الوطنية لقطاع سيارة الأجرة التابعة للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أن وضع القطاع كارثي، ويعمقه بطش مافيا المحروقات بالمغرب، وانتقدت الصمت المريب لمجلس المنافسة العاجز عن حماية المستهلك بتسقيف وتحديد الثمن الأقصى للبيع، والأخذ بعين الاعتبار الأرباح المسموح بها، موازاة مع القدرة الشرائية للمواطنين والمهنيين الذين تأثروا بهذا الغلاء غير المبرر.
وعبرت النقابة عن استنكارها الشديد للزيادات الصاروخية في مادة المحروقات والمواد الاستهلاكية، والتي لا تتطابق مع المدخول اليومي للمواطن والقدرة الشرائية.
وتساءلت عن مآل ملف اللجنة البرلمانية الإستطلاعية للمحروقات التي كشفت عن تجاوزات وتلاعبات لوبي المحروقات من خلال الأرباح الخيالية، والإجراءات المتخذة في هذا الشأن من طرف مجلس المنافسة للضرب على أيادي المفسدين.
وحملت النقابة المسؤولية الكاملة للحكومة المغربية لما آلت إليه الأوضاع من فوضى وضرب القدرة الشرائية للمهنيين بسبب الزيادات في أسعار المحروقات والمواد الاستهلاكية، وترك المستهلك عرضة لجشع لوبي متحكم في دواليب الإدارة المغربية.
وطالبت نقابة سيارة الأجرة الحكومة بإتخاذ كافة الإجراءات القانونية لخفض أسعار المحروقات، مؤكدة تشبثها بحقها في الكازوال المهني أسوة بالصيد البحري.
وحملت الحكومة المسؤولية لما سيؤول له الوضع المهني من إحتقان إجتماعي عن كل تأخير في الإصلاح وإتخاذ الإجراءات السريعة للتخفيف من عبئ معاناة السائقين اليومية مع هذه المادة، التي أصبحت تقتسم معهم المدخول اليومي وتذهب لجيوب لوبي المحروقات دون موجب حق.
وطالبت بوضع قانون منظم للقطاع عبر المشرع، ومنح رخص الاستغلال للسائقين الممارسين الفعليين عبر دفتر تحملات واضح وشفاف، مسجلة الفشل في تقنين وهيكلة القطاع ووضع إستراتيجية واضحة للخروج به من براثن الفساد المتغلغل في النظام الريعي الذي يستفيد منه أشخاص لاعلاقة لهم بالقطاع.
و انتقد بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، صمت الحكومة إزاء الارتفاعات الصاروخية في أسعار المواد الغدائية والمحروقات، وقال إن هذه الحكومة تنتهج سياسة النعامة رأسها في الرمل وتترك الخطر بجانبها يكبر.
و استهجن الخراطي الخرجة الأخيرة لرئيس الحكومة بالبرلمان التي أكد من خلالها أنه لا يعيش في المغرب ولا يعرف ما يقع به، حيث أفاد بأن جميع الأسعار مستقرة باستثناء الزيت، قائلا “وكأنه رئيس حكومة لدولة أخرى وليس المغرب”.
وأكد في تصريح ، أن هذه الحكومة لا تعير الانتباه للاحتجاجات التي تعم مواقع التواصل الاجتماعي التي ستكبر يوما وتنزل للشارع، ونحن لا نريد أن نصل الى هذا الأمر يقول الخراطي، وشدد بالقول، على أن هذه الحكومة بدل أن تلتزم الصمت عليها أن تتواصل مع المواطنين وتشرح لهم أسباب هذه الزيادات المتوالية، خاصة أنه فيما يخص المحروقات الدولة تأخذ 45 في المائة من الضريبة، مضيفا “ لا يُعقل هذا الأمر، خصوصا أنه تم تحرير هذا القطاع بدون وضع الآليات لمراقبته وتأطيره والحد من التجاوزات وهذا خطأ راجع لحكومة سي عبد الاله ابن كيران..”.
وعزى الخراطي هذه الارتفاعات الى عوامل خارجية منها ارتفاع أسعار المواد الأساسية الدولية التي مع الأسف المغرب لم يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار في سياسته الفلاحية “المخطط الأخضر”.
وأكد على أنه ما يتعلق بالمستهلك المغربي، فـ”المخطط الأخضر” فشل في ضمان الأمن الغدائي للمغاربة واكتفى بتشجيع المنتوجات التي يمكن تصديرها، وتابع أنه “لا يُعقل فيا يتعلق بزيت المائدة 98 في المائة من المواد الخام نستوردها من الخارج، ولا يٌعقل رغم البرامج التي أنجزت في هدا الصدد كبرنامج “السكري” نستورد 52 في المائة من المواد الأولية لصناعة السكر، والشاي 100 في المائة”.
وانتقد الخراطي ارتباط المغرب بالخارج خاصة في ما يتعلق بالمواد الأولية، وقال إن جلالة الملك نبه الى الأمر في خطاب بالبرلمان، وطلب من الحكومة أن تعد استراتيجية وطنية لدعم المنتوجات الأساسية، وهو دليل يؤكد المتحدث ذاته، على فشل برنامج “المخطط الأخضر” لأنه لم يكن عنده حس مغربي مواطناتي وإنما كان لديه حس تجاري محض.
ودعا الخراطي، الى إعادة النظر في الضريبة على المواد كزيت المائدة، وشدد على أنه من غير المعقول أن تستمر الحكومة على فرض في المائة من الضريبة على زيت المائدة في حين باقي المواد 7 في المائة، ونبه المتحدث، إلى أن بعض المواد الاستهلاكية تنتج بسعر وتُباع في المغرب بأسعار مضاعفة قد تصل الى أربع مرات من السعر الأساسي، لأنه ليس هناك تحكم في السوق الداخلي المحتجز من قبل الوسطاء وهو ما يؤثر على المنتج وبالمستهلك يؤكد الخراطي.