وفقا للدستور يتم اليوم افتتاح الدورة الربيعية للبرلمان، باعتبارها الجمعة الأولى من أبريل، وكان افتتاح الدورات البرلمانية حدثا يتم العناية به، بينما اليوم لا يكاد يسمع به إلا من له علاقة بالمجلس، ونحن نستقبل دورة جديدة لابد من الإطلالة على الدورة السابقة وما بينهما من عمل كان ينبغي إنجازه، لكن الأغلبية الحكومية والأغلبية البرلمانية بما أنهما شيء واحد، أصرّا على قتل المؤسسة التشريعية حتى لا تلعب أدوارها في التشريع وفي مراقبة عمل الحكومة.
بين الدورتين ليس عطلة للبرلمانيين ولكن وقت للعمل داخل اللجان، وأثبتت الحكومة ومعها الأغلبية البرلمانية سوء النية، بعد أن رفضت الحكومة المساءلة البرلمانية حول غلاء أسعار المحروقات وكثير من المواد الاستهلاكية قبيل رمضان وخلال الشهر الفضيل، وهذا سلوك خطير تجاه الشعب وليس البرلمانيين، لأنه على الأقل من خلال النقاش داخل اللجنة يمكن أن تتضح الصورة، لكن الحكومة بأغلبيتها اتخذت قرارا بمنع دخول الصحافة إلى جلسات اللجان، وذلك هروبا من أن يعرف المواطن معلومات عن عمل الحكومة، وهو حق طبيعي بحكم الدستور والقانون لكن الحكومة أعلنت نفسها فوق القانون وفوق الدستور.
غير أن ما قلناه هو من باب الإلزام لا غير لأن الحكومة أظهرت “العين الحمراء” في وجه الجميع، وخصوصا في وجه المؤسسة التشريعية، التي هيمنت عليها بالمطلق، في غياب معارضة قوية متأرجحة بين حزب يعاني من “السقوط الحر” وآخر “مطرود للمعارضة”، حيث إنها بصمت على دورة تشريعية فارغة، إذ لم تقم سوى بتمرير القوانين الملزمة، أي قانون المالية الحالي وقانون تصفية ميزانية 2019 وبعض الاتفاقيات الدولية، بينما قامت بسحب مشاريع قوانين مهمة كانت موضوعة في أروقة البرلمان وعلى رأسها مشروع قانون يتعلق بمحاربة الإثراء غير المشروع ومشروع قانون يتعلق بالملك البحري.
ما زالت المبررات التي قدمتها الحكومة غير مقنعة ولن تكون مقنعة بتاتا، حيث تحدثت عن محاولة لتجويدها، لكن ظهر أنها غير معنية بالتجويد في أي شيء وبالتالي كانت فقط حجة لسحب هذه المشاريع وإقبارها بعد عملية نسيان خطيرة تتم عبر الزمن.
لكن ما لا ينبغي نسيانه والتغاضي عنه هو أن الهيمنة على البرلمان ليست عملية مربحة أصلا، بل قد تكون مساوئها كبيرة جدا وقد تكون تأثيراتها وانعكاساتها مدمرة، لا قدر الله. في غياب البرلمان بما هو صوت ومنبر يصل من خلاله صوت الشعب، يصل هذا الصوت مباشرة عبر الشارع وهنا الخطورة وهنا يرقد شيطان الفتنة.
الجبهة الاجتماعية، التي تضم مكونات كثيرة، قررت الاحتجاج ضد موجة الغلاء الفاحش، التي أنهكت المواطن، حتى أن من كان وضعهم عاديا ساء للغاية، والمربك في العملية أن الشارع موحد ضد الحكومة، التي لا تعير اهتماما لما يقع وكأن معركة الأسعار تقع في كوكب بعيد عنا.
قال تعالى “اتقوا فتنة لا تصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصة” صدق الله العظيم.