مع إعلان الحكومة تنزيل ورش الحماية الاجتماعية ودخوله حيز التنفيذ، يشتكي العديد من المغاربة اقصاءهم من الدعم بدعوى ارتفاع المؤشر الاجتماعي والاقتصادي.
هذا المؤشر الذي يربط حصول أي أسرة بالدعم من عدمه برقم يُمنح لها في السجل الاجتماعي الموحد بناء على مجموعة من المعطيات الدقيقة التي تتعلق بوضعيتها الاجتماعية والاقتصادية.
وهذا تؤكده بشكل واضح لغة الأرقام الرسمية، التي تشير حسب فوزي لقجع الوزير المنتدب المكلف بالميزانية إلى أن أزيد من مليون مواطنة ومواطن مغربي اشتكوا من “إقصائهم” من الاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر بدعوى ارتفاع المؤشر الاجتماعي.
وتعتبر المعارضة، أن شعار الحكومة في نجاحها في تنزيل هذا الورش لا وجود لأي أساس له في الواقع، حيث وفي ظل هذه الحكومة ارتفعت معدلات البطالة، وزيادة معدل التضخم، إلى جانب غلاء الأسعار، حيث قفزت العديد من المواد الاستهلاكية إلى مستويات قياسية.
وحسب أرقام الحكومة، تبلغ الكلفة السنوية لتعميم الاستفادة من أنظمة الحماية الاجتماعية 51 مليار درهم، موزعة بين 28 مليار درهم تتأتّى من آلية الاشتراك بالنسبة إلى الأشخاص الذين تتوفر لديهم القدرة على المساهمة، و23 مليار درهم يتم تحصيلها في إطار تضامني لتغطية الأشخاص الذين لا تتوفر لديهم هذه القدرة.
واعتبر العديد من الخبراء أن طبيعة هذا التمويل ستشكل مشاكل كبيرة حول استدامة الإطار المالي لأنظمة الحماية الاجتماعية، وحول الآفاق المستقبلية لموقع الدولة في تدبير السياسات الاجتماعية.
في هذا الصدد، قالت فاطمة التامني، برلمانية عن فيدرالية اليسار، في تصريح لـــ “أشطاري”، إن سياسات الحكومة ذاهبة في اتجاه إدخال المغرب نحو المجهول، عنوانها الأبرز إغراق المغرب في المديونية.
وأضافت المتحدثة، أن هذه المديونية وتوجه بيع أملاك الدولة لا يتم تخصيص ايراداتها للاستثمار، بل يتم تخصيصها لدفع النفقات، خاصة إذا استحضرنا خدمة الدين وتكلفتها المالية.
وتابعت البرلمانية، أن الحكومة ذاهبة في اتجاه التخلي عن الخدمات العمومية وبيع أملاك الدولة، من خلال تبني اتجاه الخوصصة، وتشجيع القطاع الخاص الذي عرف نموا قدر بــ 20 في المائة في قطاع التعليم.
وشددت المتحدث، أن نفس الشيء في قطاع الصحة، حيث أصبحت الحكومة تشجع بقوة المصحات الخاصة على النمو والانتشار، وهو ما يفسر تخلي الحكومة عن المرفق العمومي.
واعتبرت البرلمانية، أن الحكومة فتحت أوراش كبرى، وعوض أن تبحث عن مصادر تمويل معقولة لجأت إلى الحلول السهلة، وهي الاقتراض وتفويت أملاك الدولة.
ونبهت البرلمانية، إلى ضرورة الحذر من تبني هذا التوجه، باعتبار أن العديد من الدول لجأت إلى هذه الحلول السهلة ووجدت نفسها أمام أزمة متراكمة من الديون، كما وقع في اليونان أواخر سنة 2009.
إلا جانب ذلك، سادت التخوفات لدى الخبراء من أن تفضي مراجعة أدوار صندوق المقاصّة المغربي، الذي تعتزم الحكومة توجيه نحو آليات مندمجة للحماية الاجتماعية، ما يعني تخصيص الموارد الناتجة عن الرفع التدريجي لدعم الدولة للمواد الغذائية والطاقة لتمويل تدابير الحماية الاجتماعية، وبالتالي المسّ بالقدرة الشرائية للعديد من الأسر المغربية.
هذا يعني حسب الخبراء، أن هذه الفئة لن تقدر على مواجهة غلاء أسعار عدد من المواد المدعومة من قبل صندوق المقاصّة من دون أن يكون لها إمكانية الاستفادة من أي دعم أو استهداف في الوقت نفسه، ما يعني القضاء على الطبقة المتوسطة.