في خطوة تعكس تصاعد التوترات العسكرية في منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط، أعلن الجيش الإسباني عن تنفيذ مناورات عسكرية واسعة داخل مدينة سبتة المحتلة، حيث شملت التدريبات استخدام مدافع مضادة للطائرات ذات مدى يصل إلى 4000 متر. وتأتي هذه الخطوة في ظل التقارير التي تشير إلى استخدام المغرب للطائرات المسيرة في عمليات المراقبة بالقرب من مدينتي سبتة ومليلية.
تفاصيل المناورات:
وفقًا لصحيفة El Debate المقربة من الجيش الإسباني، فإن أكاديمية المدفعية الإسبانية، مدعومة من الفوج المختلط للمدفعية رقم 30، نفذت هذه التدريبات في ميدان الرماية “ألمينيا” داخل مدينة سبتة. وشارك فيها طلاب ضباط الصف المتدربين، حيث استخدموا المدفع السويسري الصنع GDF-007 المضاد للطائرات، والذي يتميز بقدرته على استهداف الأهداف الجوية المتحركة بسرعة تفوق 1175 مترًا في الثانية، وبمعدل إطلاق ناري يبلغ 550 طلقة في الدقيقة لكل ماسورة.
السياق الجيوسياسي:
يربط محللون هذه المناورات بالسياق الإقليمي المتغير، حيث يواصل المغرب تنفيذ خطة طموحة لتحديث ترسانته العسكرية. فقد عززت الرباط قدراتها الجوية والدفاعية من خلال الحصول على أنظمة دفاع متطورة مثل صواريخ “باتريوت”، والطائرات المسيرة التركية بيرقدار TB2، بالإضافة إلى تحديث مقاتلات F-16 الأمريكية.
هذا التطور، وفق المصدر ذاته، أدى إلى “زيادة التوترات الاستراتيجية بين البلدين”، رغم أن السياسة الرسمية الإسبانية تميل إلى التهدئة والتعاون مع المغرب. إلا أن مدريد وجدت نفسها مضطرة إلى تعزيز وجودها العسكري في كل من سبتة ومليلية، لضمان توازن القوى في المنطقة.
قلق إسباني من الطائرات المسيرة المغربية:
شهدت السنوات الأخيرة تزايد المخاوف الإسبانية من تطور القدرات الجوية المغربية، خاصة فيما يتعلق بالطائرات المسيرة. وقد أثار تقرير لصحيفة إل إسبانيول في ماي الماضي اهتمامًا واسعًا، حيث أشار إلى أن المغرب يعمل على تحويل منطقة جبل كوروكو بالناظور إلى قاعدة عسكرية خاصة بالطائرات المسيرة، مما يمنحه قدرة أكبر على مراقبة المنطقة الساحلية بالكامل، بما في ذلك مدينة مليلية المحتلة.
وأضاف التقرير أن المغرب بدأ بالفعل في إزالة المخيمات العشوائية التي كانت تستخدمها شبكات الهجرة غير النظامية في المنطقة، تمهيدًا لإنشاء هذه القاعدة الجوية، وهو ما اعتبرته إسبانيا مؤشرًا على تعزيز القدرات الدفاعية للمغرب في هذه المنطقة الحساسة.
يبدو أن التنافس العسكري بين المغرب وإسبانيا يأخذ أبعادًا جديدة، حيث تسعى الرباط إلى تطوير قدراتها الدفاعية والهجومية عبر تحديث ترسانتها الجوية، في حين تحاول مدريد مجاراة هذا التقدم من خلال تكثيف التدريبات والمناورات العسكرية في مناطق نفوذها. وبينما تستمر العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في إطار من التعاون الرسمي، فإن التطورات العسكرية على الأرض تشير إلى استمرار سباق التسلح والمراقبة، مما يضع المنطقة أمام مشهد أمني متغير يستدعي المتابعة الدقيقة.