أشاد التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بالأعمال الميدانية التي تقوم بها القوات المسلحة الملكية من أجل التخلص من الألغام، مشيرا إلى التعاون الكلي والتلقائي للمملكة المغربية مع بعثة “المينورسو” بالصحراء في كل الأنشطة المتعلقة بالألغام.
و أبلغت القوات المسلحة الملكية عن تدميرها 52 لغما أرضيا مضادا للأفراد والدبابات، فضلا عن تدمير 770 قطعة من المتفجرات، وذلك خلال الفترة الممتدة من فاتح شتنبر 2021 إلى غاية 31 يوليوز 2022.
وأشارت الأمم المتحدة إلى مساهمة الجيش المغربي كذلك في الإفراج عن 134.37 مليون متر مربع من الأراضي الواقعة غرب الجدار الرملي، موضحة أن المغرب تعاون مع البعثة بخصوص أنشطة إزالة الألغام، لكنه طلب ضمانات من “البوليساريو” بعدم استخدام المناطق المفرج عنها في أي أعمال عدوانية.
وذكر التقرير، أن فريقيْ إزالة الألغام التابعين لبعثة “المينورسو” بالصحراء عملا على ضمان سلامة موظفي الأمم المتحدة والقوافل اللوجستيكية والممتلكات، لافتا إلى أن البعثة قامت بتقييم 8772 كيلومترا من الطرق بين مواقع الفريق المختلفة شرق الحزام الأمني على أنها خالية من مخاطر المتفجرات المرئية، كما كفل عنصر الإجراءات المتعلقة بالألغام سلامة فرق التحقيق التابعة لبعثة الأمم المتحدة بالصحراء المغربية، وفقا للتقرير الذي أوضح أنه ما يزال هناك 24 حقل ألغام معروفا من أصل 61، و42 منطقة من أصل 527 تنتشر فيها الذخائر العنقودية، في انتظار الإفراج عنها شرق الجدار الرملي.
وانخرط المغرب في تطبيق مقتضيات اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد، رغم أنه ليس دولة طرفا في الاتفاقية، تبعا لالتزاماته الدولية، خاصة الاتفاقية الموقعة مع بعثة المينورسو في العام 1999 المتعلقة بتبادل المعلومات، ووضع علامات على مناطق الألغام، وإزالتها، وتدمير الألغام والمخلفات المتفجرة للحرب.
وكان التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أكد أن الحجج القانونية والحقوقية التي تقدم بها المغرب للمنتظم الدولي حول أوضاع المحتجزين الصحراويين في مخيمات تندوف، بإيراده أن الساكنة معرضة لخطر انعدام الأمن الغذائي.
واعتبر التقرير السنوي، الذي رصد تطورات قضية الصحراء المغربية خلال العام الجاري، أن تخفيض الحصص الغذائية بنسبة 80 في المائة في ظل الجائحة تسبب في تدهور أوضاع الساكنة الصحراوية بمخيمات تندوف، مشيرا إلى المجهودات التي قامت بها المنظمات الإنسانية لتقديم المعونات الغذائية إلى المخيمات.
وأشارت الوثيقة إلى تزايد مخاوف المنظمات الدولية بخصوص عدم كفاية المنتوجات الغذائية الممنوحة للمحتجزين الصحراويين خلال الجائحة، وتدهور أوضاع الرعاية الصحية في مخيمات تندوف، وضعف التعليم المقدم للأطفال.
وذكر المصدر الأممي بأن الأمم المتحدة سبق أن أجرت دراسة استقصائية بمخيمات تندوف حول أوضاع السكان الصحراويين خلال 2022، ووقفت عند ارتفاع معدل انتشار فقر الدم في صفوف الأطفال بسبب سوء التغذية، وتدهور أوضاع النساء الحوامل في المخيمات.
ولفت التقرير إلى تراجع الحصة الغذائية للفرد من 17 كيلوغراما إلى 5 كيلوغرامات خلال الجائحة، بفعل نقص التمويل المالي، وزيادة تكاليف الشحن الدولي، وانعدام المواد الغذائية.
وفي هذا الإطار، أشارت الوثيقة إلى تنفيذ بعض البرامج الأممية لتزويد السكان باللقاحات بعد انتشار الفيروس التاجي.
لذلك، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه من استمرار الوضعية الإنسانية الحالية بمخيمات تندوف، حيث نبه إلى تدهور مستوى معيشة المحتجزين بالمخيمات بسبب تداعيات جائحة “كورونا” بالعالم، وانعكاسات ارتفاع أسعار الوقود والغذاء بالعالم.
كما لفت أنطونيو غوتيريس إلى تزايد التهديدات الخطيرة التي تواجهها مخيمات تندوف من حيث الأمن الغذائي، داعيا في الوقت نفسه إلى تجديد الجهود الدولية لتقديم الدعم الإنساني الإضافي والمستعجل لتجاوز تلك الإكراهات التي يعيشها سكان المخيمات.
جدير بالذكر أن سكان مخيمات تندوف يعيشون أوضاعا صحية صعبة، بالإضافة إلى تأزم الأوضاع الغذائية؛ بالنظر إلى ضعف الإمدادات الدولية الموجهة إليهم، بفعل القيود الاحترازية التي فرضتها الجائحة على حركة الطيران خلال الجائحة.
ودعا التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة حول نزاع الصحراء دول المنطقة إلى الانخراط بـ”حسن نية” في المفاوضات السياسية من أجل إنهاء النزاع، لافتا إلى استعداد الأمم المتحدة لعقد اجتماعات مكثفة مع جميع المعنيين بالملف.
وأوضح التقرير، أن “الثقة ما زالت منعدمة بالمنطقة رغم الجهود الدولية”، مشيرا إلى الجهود التي بذلها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء لتقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع (المغرب، الجزائر، البوليساريو).
ونبهت الوثيقة، في هذا الإطار، إلى “خطر التصعيد بين الأطراف في المنطقة العازلة بعد وقف اتفاق إطلاق النار؛ ما يساهم في زيادة التوتر بالمنطقة”، داعيا أطراف النزاع إلى التعامل مع ستافان دي ميستورا بـ”عقل منفتح من أجل تيسير العملية السياسية السلمية”.
كما أشار التقرير عينه إلى قلق الأمم المتحدة من تدهور العلاقات السياسية بين المغرب والجزائر، مشددا على الدور الحاسم لبلدان الجوار في التوصل إلى حل سلمي لنزاع الصحراء، داعيا بذلك البلدين إلى استئناف الحوار قصد تهيئة البيئة المواتية للسلام والأمن.
وسلط التقرير الأممي الضوء على المباحثات التي أشرف عليها ستافان دي ميستورا بخصوص نزاع الصحراء، من خلال إشارته إلى مخرجات الجولات الإقليمية التي قادته إلى المنطقة، بعد لقائه بالقيادات السياسية لكل من المغرب والجزائر وجبهة “البوليساريو”.
وأكد المصدر عينه أن موريتانيا التزمت بموقفها الدائم بخصوص الملف، حيث شددت قيادات “بلاد شنقيط” على تشبثها بـ”الحياد الإيجابي” في التعامل مع أطراف النزاع؛ فيما شكّكت الجزائر من فعالية “الموائد المستديرة” بجنيف، بينما دعا المغرب إلى استئناف “مسلسل الموائد” بناء على المقترح المغربي (مبادرة الحكم الذاتي).
وبخصوص ادعاءات جبهة “البوليساريو” حول الهجمات العسكرية التي تشنّها على الأراضي المغربية، ذكر التقرير أن بعثة الأمم المتحدة بالصحراء لم تتحقق من تفاصيل الحوادث الفردية التي يتم ترويجها، ولم تراقب عمليات تبادل إطلاق النار عبر الجدار الأمني؛ لكنها توصلت بمعلومات مختلفة عن تلك الحوادث، دون إمكانية التحقق منها بشكل مستقل.