لم يفلت النزاع الإيراني الإسرائيلي من شر التضليل الإعلامي الذي تغذ يه أدوات تكنولوجية في العالم الافتراضي والواقع على السواء، مع انتشار منشورات “تزييف عميق” مولدة بالذكاء الاصطناعي وأخبار زائفة صادرة عن روبوتات دردشة ومشاهد من ألعاب فيديو تقدم على أنها من مسرح الحرب.
وهذا الوابل من المعلومات المضللة يسل ط الضوء على الحاجة الملحة إلى أدوات رصد أكثر دق ة، في وقت خفضت المنصات النفقات في مجال ضبط المحتويات واستغنت عن خدمات مدققين في صحة الأخبار، بحسب ما حذ ر خبراء.
وبعد رشقات صاروخية أطلقتها إيران ردا على الضربات الإسرائيلية، ادعت تسجيلات فيديو مولدة بالذكاء الاصطناعي لقيت انتشارا واسعا على شبكات التواصل الاجتماعي إظهار أضرار أصابت مطار بن غوريون في تل أبيب.
وخلص مدق قو الأخبار إلى أن هذه المشاهد مفبركة وهي مأخوذة من حساب على “تيك توك” ينتج محتويات بطريقة الذكاء الاصطناعي.
ولفت كين جون مياتشي مؤسس الشركة المتخصصة “بيتمايند إيه آي” BitMindAI إلى “سيل من المعلومات المضللة المولدة بالذكاء الاصطناعي في سياق النزاع الإيراني الإسرائيلي تحديدا غير مسبوق من حيث نطاقه ومستوى تطوره”.
وأشارت مجموعة “غيت ريل سيكيوريتي” GetReal Security الأميركية المتخصصة في رصد المحتويات المفبركة بالذكاء الاصطناعي إلى صور فائقة الواقعية منتجة بأداة “فيو 3” من “غوغل”.
وربطت الشركة أشرطة فيديو مقنعة لمشاهد أشبه بنهاية العالم لقصف إيراني في إسرائيل بمولد الذكاء الاصطناعي “فيو 3” الذي يظهر رمزه أصلا في أسفل أحد التسجيلات التي نشرتها “طهران تايمز” على أنها تظهر “لحظة ضرب صاروخ إيراني تل أبيب”.
وقال هاني فريد الذي ساهم في تأسيس الشركة وهو أستاذ محاضر في جامعة كاليفورنيا في بيركلي “ليس مستغربا أن يحرف استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مع تقد مها من حيث مدى الواقعية، بغرض نشر معلومات مضللة”.
وأشار إلى أن مدة أشرطة الفيديو المنتجة بواسطة “فيو 3” والبالغة ثماني ثوان “ذريعة سديدة للتحقق منها قبل نشرها”.
وأحصت مجموعة “نيوز غارد” NewsGuard الأميركية التي تحلل مصداقية المحتويات على الإنترنت 51 موقعا إلكترونيا نشر أكثر من عشرة أخبار خاطئة، من صور مستولدة بالذكاء الاصطناعي يفترض أن تظهر خرابا واسعا حل بتل أبيب إلى معلومات مفبركة عن طيارين إسرائيليين تم القبض عليهم في إيران.
ومن بين الجهات التي نشرت محتويات زائفة، قنوات على “تلغرام” على صلة بالجيش الإيراني ومصادر مرتبطة بوسائل إعلام إيرانية رسمية، بحسب “نيوز غارد”.
وقال ماكينزي صادقي الباحث في “نيوز غارد”، “نشهد سيلا من المعلومات المضللة يبدو أنها تستهدف بشكل رئيسي المواطنين الإيرانيين العاديين”.
وتابع “في ظل دعوات التلفزيون الرسمي الإيرانيين إلى التخلي عن واتساب والقيود المفروضة على الإنترنت والرقابة الشديدة على الصحافة، بات الإيرانيون عالقين في فخ بيئة إعلامية مغلقة تهيمن عليها وسائل الإعلام الرسمية التي تناقض بعضها البعض في مساعيها المتفلتة إلى ضبط السردية”.
وتم تداول البعض من هذه المحتويات الزائفة على وسائل إعلام رسمية روسية وصينية، فات سعت رقعتها على الصعيد الدولي، بحسب ماكينزي صادقي.
وتضاف إلى هذا السيل من المعلومات المضللة مقتطفات مأخوذة من ألعاب فيديو قدمت على أنها مشاهد فعلية من ساحة الحرب، كما حصل سابقا مع أوكرانيا وسوريا. ورصد فريق تقصي صحة المعلومات في وكالة فرانس برس تسجيل فيديو على “إكس” يد عي تجسيد لحظة إسقاط إيران لطائرة إسرائيلية لكنه في الواقع كان مأخوذا من لعبة المحاكاة العسكرية “ارما 3” Arma 3.
وشدد كين جون مياتشي على “الحاجة الملحة إلى أدوات أفضل للرصد وتوعية وسائل الإعلام ومساءلة المنصات لصون نزاهة الخطاب العام”.