في ظل تصاعد التحديات المرتبطة بندرة المياه وتفاقم آثار التغير المناخي، شرعت الدولة في اتخاذ خطوات عملية لتعزيز الأمن المائي، خصوصًا بالمناطق الجبلية التي تعاني من هشاشة في البنيات التحتية المائية. وفي هذا السياق، أعلن نزار بركة، وزير التجهيز والماء، عن تقدم ملموس في مشروع إحداث سدود تلية جديدة بإقليم الحسيمة، في إطار البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب ومياه السقي الممتد من 2020 إلى 2027.
وحسب المعطيات التي كشفها الوزير، فإن وكالة الحوض المائي لسبو أجرت دراسة ميدانية همّت عدداً من الجماعات القروية التابعة للإقليم، من بينها تمساوت، كتامة، وعبد الغاية السواحل، حيث أفرزت النتائج الأولية عن إمكانية إحداث سد واحد بجماعة تمساوت وثلاثة سدود أخرى بجماعة كتامة، ما يعكس الإمكانات الطبيعية المتوفرة بالمنطقة لاستيعاب هذه المنشآت.
هذه الخطوة تندرج ضمن رؤية أوسع تسعى الحكومة من خلالها إلى تجاوز الإكراهات المزمنة في ما يتعلق بتوفير الماء الصالح للشرب، خاصة في المناطق التي تعرف فصول جفاف متكررة، وضعفاً في التساقطات المطرية، مما يضع سكانها في مواجهة مباشرة مع العطش ومحدودية الموارد.
ويضيف بركة أن الأمر لا يتوقف عند مجرد تحديد المواقع، بل إن الوكالة المعنية شرعت فعليًا في إعداد دراسات الجدوى الخاصة بكل موقع، وذلك لتقييم مدى قابليتها التقنية والبيئية والاقتصادية لاحتضان هذه السدود. كما أشار إلى أن إدراج هذه المشاريع ضمن الاتفاقية الجديدة المزمع توقيعها للفترة 2025-2027 بين وزارتي الداخلية والمالية، سيبقى رهينًا بنتائج تلك الدراسات، في أفق إدماجها ضمن المرحلة الثانية من البرنامج الوطني.
وتعكس هذه الدينامية الجديدة توجهاً استراتيجياً للدولة نحو تدارك التأخر الحاصل في البنيات التحتية المائية بالمناطق النائية، وتجسيدًا لإرادة سياسية تسعى إلى جعل الأمن المائي رافعة للتنمية المجالية والاجتماعية، خاصة في ظل الظرفية المناخية الصعبة التي باتت تهدد توازنات عدة جهات بالمملكة.