تحوّل يوم صيفي عادي على شاطئ سيدي رحال إلى كابوس مفجع، بعدما دهست سيارة رباعية الدفع الطفلة غيثة، ذات الأربع سنوات ونصف، أمام أعين المصطافين، بينما كانت تلهو ببراءة في حفرة صغيرة حفرها لها والدها على الرمل.
لم تكن سوى لحظات قليلة، غادر فيها الأب مكانه ليبحث عن ماء، تاركًا ابنته تلهو كما اعتادت. غير أن رعونة سائق متهور كان يستعرض بسيارته وهو يجرّ «جِت‑سكي» قرب الناس، كانت كفيلة بتحويل الرمال إلى دماء. صوت اصطدام قوي، تلاه صراخ هستيري، وركض متلاحق… وعند العودة، لم يجد الأب سوى جسد صغيرته ممددًا، مصابًا بجروح بليغة على مستوى الرأس والفك، نتيجة مرور العجلات والمعدات الثقيلة فوقها.
نُقلت غيثة على وجه السرعة إلى المستشفى، وهي الآن بين الحياة والموت، ترقد في العناية المركزة، بينما يلازمها والدها بنظرات مكسورة لا تحمل سوى سؤال واحد: لماذا؟
يقول وهو يغالب دموعه: «منذ أسبوع وأنا عاجز عن العودة إلى البيت… غيثة كانت أول من يركض نحوي وتفتح لي الباب… كانت كل فرحتي».
لكن الصدمة لم تتوقف هنا. فحسب رواية الأب، زاره أحد أقارب السائق في المستشفى وقال له بنبرة مستفزّة: “حنا عندنا الفلوس”، كما لو أن المال يُكفّر عن الأرواح ويشتري الصمت. هذا التصرف فجّر موجة غضب ليس فقط داخل العائلة، بل بين عموم المغاربة الذين أطلقوا وسم #العدالة_لغيثة، مطالبين بفتح تحقيق قضائي نزيه، ومحاسبة السائق على ما وصفوه بـ”الإهمال الإجرامي”.
الواقعة، التي أثارت اهتمامًا واسعًا على مواقع التواصل، سلطت الضوء من جديد على الفوضى التي يشهدها عدد من الشواطئ، وغياب الحزم في تطبيق القوانين. فالشارع اليوم لا يطالب فقط بمعاقبة الجاني، بل أيضًا بتحقيق العدالة لمواطنة صغيرة سُلبت براءتها تحت عجلات التهور.
وفي انتظار كلمة القضاء، تبقى غيثة بين الألم والأمل، بينما يحرس والدها باب المستشفى، كما كانت تحرس هي باب البيت في كل مساء… والفرق الآن، أن الأب لا يطلب شيئًا خارقًا، بل فقط: عدالة تنصف ابنته، وتمنع فاجعة أخرى في رمال هذا الوطن.