أنهينا افتتاحية عدد الأمس من هذه اليومية، بعبارة يرددها المغاربة كثيرا وهي من كلامهم البليغ جدا “النية وقلة النية ما يتلاقاوش”. فالنية جسدها وليد الركراكي، مدرب المنتخب الوطني لكرة القدم الذي حقق رفقة عناصره نتائج مبهرة خلال مباريات كأس العالم بقطر، وحظوا باستقبال جماهيري تم تتويجه باستقبال ملكي تاريخي رفقة أمهاتهم، وهي الصورة التي أصبحت اليوم أيقونة، وبفضل هذه النية حققنا تقدما في ممارسة القوة الناعمة، وقلة النية يجسدها وزير العدل عبد اللطيف وهبي، وإن كان ليس من حقنا اتهام أحد بشيء لأننا مجرد صحفيين ولسنا قضاة، لكن طرحنا موضوع الشبهة، الذي وقع فيه الوزير بعد اجتياز ابنه المباراة بنجاح.
ما كدنا ننهي الحديث عن ابن الوزير “اللي باه لاباس عليه وعندو جوج إجازات”، حتى بدأت فضائح أخرى تظهر على السطح، وهي كثيرة، وأصبح من الصعب على الصحفي التحقق من صحتها برمتها لأنها كثيرة، من نجاح مدير مركزي بالوزارة في امتحان الأهلية، إلى وجود اسم مرتين، إلى وجود اسم صاحبه لم يتقدم للمباراة، إلى برلماني نجح ولم يحضر الامتحان، وغيرها، وهي كلها أمور تحتاج إلى تدقيق وتتبع.
ليس من مهام الصحفي القيام بأدوار قد تكون موكولة لغيره، ففي حدود ما تصل إليه يده ويتيقن من صحته ينشره، لكن هناك من يمتلك سلطة الوصول إلى الحقيقة كاملة لأن أي ملف طلبه يفرض القانون وضعه أمامه، ألا وهو الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة، الذي يمكن أن يأمر بفتح تحقيق في القضية.
نعرف أن بعض الأمور التي تم طرحها فيها مبالغات هي ناتجة عن الخروقات المرتكبة من قبل الوزير، الذي أقحم نفسه في متاهة لا نهاية لها. أولا الوزير ليس هو المسؤول عن لجنة الامتحانات، وما كان ينبغي له أن يرد ويخرج إلى الإعلام. وكان على اللجنة أن توضح الأمور.
الفضيحة اليوم بحجم “قلة النية” التي لا تلتقي مع “النية”.
فإذا كنا نريد الاستمرار في حصد نتائج “النية” ما علينا سوى القطع مع “قلة النية”. ولا يمكن أن نقطع معها إلا بإقالة الوزير، ولو على سبيل الاحتياط. الوزير متورط في القضية من حيث الشبهة التي وضع نفسه فيها بغض النظر عن مدى تورطه حقيقة في الموضوع، وهو الذي وقّع بيانا مع جمعية هيئات المحامين بالمغرب يقر فيه بضرورة الأخذ بعين الاعتبار هواجس الجمعية في امتحان الأهلية لممارسة المحاماة.
لا خيار أمام المغرب اليوم سوى إقالة الوزير إن كان الموضوع يقف عند موضوع الشبهة ومحاكمته إن كان متورطا، لأن فرحة المغاربة التي رافقت نتائج المنتخب الوطني ضربها وهبي في لحظة واحدة، وهذا زعزعة لاستقرار المغاربة وطمأنينتهم وبالتالي ينبغي من أجل إعادة روح الوطنية إلى المغاربة إلغاء المباراة وأقالة الوزير وترتيب النتائج عن الفضيحة لكل من يستحق ذلك.