لا يوجد بلد بمنأى عن الإرهاب، فالخطر يمكن أن يداهم كل الأمكنة، وفي كل الأزمنة، ومن يعتقد الاستثمار فيه كمن يربي الأفعى أو الأسد، في الكبر تنقلب على صاحبها، وتأكله أو تلدغه، وظل المغرب يقظا ومتبصرا في هذا المجال، واعتبر الإرهاب خطرا وتعامل معه وفق هذا التعريف، وكان من بين الدول التي أغلقت صنبور تدفق الجهاديين إلى بؤر التوتر ولهذا ظل بؤرة الرؤية المسلطة من قبل الجماعات التكفيرية، مثل داعش والقاعدة والتنظيمات الإقليمية مثل حركة التوحيد والجهاد والجماعة المقاتلة وفروع التنظيمين الدوليين، لكن بفضل قوة الأمن الضاربة في الأرض حمى الله هذا الوطن.
الإرهاب اليوم أصبح عابرا للقارات، ولا يؤمن بالمجال الجغرافي، وله قدرة كبيرة على اختراق الحدود والتخفي بشكل كبير، ولا يمكن التصدي له بشكل منفرد، وأضحى من اللازم التعاون الدولي قصد تتبع مسارات ومسيرات الجهاديين، الذين ينتقلون بهويات مزورة ويمارسون أشد أنواع التكتم والسرية، لكن التعاون الدولي حقق نتائج إيجابية، وسبق لفرنسا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا أن اعترفت بالدور المهم، الذي لعبته الأجهزة الأمنية المكلفة بمحاربة الإرهاب، في التصدي لهجمات خطيرة.
وقالت بلجيكا بشكل رسمي إن معلومات توصلت بها من الأمن المغربي جنبت البلد بحرا من الدم، وأشادت إسبانيا مرارا وتكرارا بالدور المغربي الفعال في مكافحة الخلايا الإرهابية، وتم تفكيك العديد من الخلايا بتنسيق مشترك ودقيق.
غير أن هذا التعاون الموجود بين المغرب وبعض الدول من أوروبا لا يجد له صدى في تعاون مغاربي حيث الحدود البرية المشتركة، وما زالت الجزائر، التي تربطنا بها آلاف الكيلومترات ترفض التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، رغم أن العديد من التنظيمات القتالية توجد فوق أراضيها، التي يصعب مراقبتها خصوصا في الجنوب، ناهيك عن كون قادة فروع داعش والقاعدة كلهم من الجزائر، وأخيرا تم تعيين قائد جديد من الجزائر على رأس القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي خلفا لدرودكال.
تقارير أخرى تشير إلى العلاقة الوطيدة بين البوليساريو والتنظيمات الإرهابية، ولما نتحدث عن البوليساريو فإننا نتحدث عن أداة وظيفية في يد الجزائر، فهي صاحبة الفكرة وصاحبة التمويل وهي التي تمنحها أرضا تؤسس فوقها جمهوريتها الافتراضية، وتمنح قادتها إقامات مريحة بالعاصمة الجزائر. وكثير من عناصر البوليساريو وتحت تأثير الضغط واليأس يلجؤون إلى التنظيمات التكفيرية، التي تمنحهم تعويضا نفسيا وماليا.
البوليساريو، محمية الجزائر، لم يعد لها ما تقوم به سوى الاتجار في السلاح، وتاجر الممنوعات لا يهمه الزبون، وأحيانا يحاول استعمال الزبون ضد خصومه، وهذا هو أمر المرتزقة اليوم، الذين تحالفوا مع التنظيمات الإرهابية باعتبار هذه الجماعات تشكل سوقا تجارية كبيرة للسلاح والممنوعات، وهناك تبادل منافع حيث تقدم الجماعات حماية للعصابات المرتبطة بالمرتزقة والتي تشتغل في التهريب والمخدرات والتجارة في البشر مقابل أن تقدم لهم جبهة المرتزقة السلاح وكل ذلك تحت أعين العسكر الجزائري.