في ظل التوترات السياسية بين الجزائر وباريس، عاد ملف العقارات التي تشغلها السفارة الفرنسية في الجزائر إلى الواجهة، بعد نشر صحيفة لوموند الفرنسية تقريرًا موسعًا يكشف تفاصيل لم تتضمنها البيانات الرسمية الجزائرية. وأشار التقرير إلى أن فرنسا استفادت لعقود طويلة من عقارات جزائرية بموجب اتفاقيات قديمة تعود إلى مرحلة ما بعد الاستقلال، وبأسعار رمزية.
ووفقًا لما أوردته لوموند، فإن هذه العقارات تندرج ضمن اتفاقيات إيفيان التي أسست للعلاقات الجزائرية-الفرنسية عقب الاستقلال. وذكرت الصحيفة أن الاتفاقية وقعها الرئيس الجزائري الأول أحمد بن بلة والسفير الفرنسي آنذاك جورج غورس، ليتم تفعيلها عام 1963، حيث نصت على قائمة العقارات التي تبقى تحت التصرف الفرنسي، ومنها مقر السفارة الفرنسية في الجزائر، الذي يمتد على مساحة 14 هكتارًا.
عقد امتياز بـ “فرنك رمزي”
التقرير أشار إلى أن فرنسا حصلت على حق استغلال هذه العقارات وفق عقد امتياز مدته 60 عامًا، مقابل دفع “فرنك رمزي” سنويًا للجزائر. غير أن هذا العقد انتهى رسميًا في 2023، دون أن يتم تجديده أو إعادة التفاوض بشأنه، مما جعل وضع السفارة الفرنسية قانونيًا “معلقًا”.
وبحسب لوموند، فإن الجزائر لم تحرك هذا الملف إلا بعد تغيير الموقف الفرنسي من قضية الصحراء، حيث بدأت بمراجعة جميع الامتيازات الممنوحة لفرنسا، وإعادة طرحها على طاولة المفاوضات.
استدعاء السفير الفرنسي
من جهتها، أفادت وكالة الأنباء الجزائرية بأن وزارة الخارجية الجزائرية استدعت، في بداية الشهر الجاري، السفير الفرنسي ستيفان روماتيه لمناقشة هذه المسألة، مشيرة إلى أن فرنسا تستفيد من 61 عقارًا داخل الجزائر بإيجارات زهيدة جدًا.
وقالت الوكالة إن هذه العقارات ظلت “خارج دائرة النقاش” لسنوات طويلة، لكنها عادت الآن إلى واجهة المشهد السياسي، خاصة فيما يتعلق بمقر السفارة الفرنسية، الذي يقع في موقع استراتيجي على مرتفعات الجزائر العاصمة، بمساحة شاسعة وإيجار وصفته الوكالة بأنه “أقل من ثمن غرفة خادمة متواضعة في باريس”.
تصعيد محتمل في العلاقات
يأتي هذا الملف ليزيد من تعقيد العلاقات الثنائية، في وقت تمر فيه الجزائر وباريس بفترة من التوتر الدبلوماسي، على خلفية المواقف المتباينة بشأن عدة قضايا، من بينها العلاقات الاقتصادية، والهجرة، وقضية الصحراء. ويبقى السؤال مطروحًا: هل ستعيد الجزائر النظر في كافة الامتيازات الفرنسية، أم أن باريس ستسعى لاحتواء الأزمة عبر قنوات دبلوماسية هادئة؟