منذ بداية القرن الحادي والعشرين، أصبح المغرب بلد استقبال وعبور للمهاجرين القادمين على الخصوص من جنوب الصحراء سعيا إلى تحسين ظروفهم المعيشية وتطلعا لمستقبل أفضل. في هذا الحوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، يوضح المتخصص في علم الاجتماع اللغوي هشام بوغابة، الأستاذ بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، كيف أن تعلم اللهجة المغربية (الدارجة) يمكن أن يشكل وسيلة لهؤلاء المهاجرين للاندماج في المجتمع المغربي.
1 – كيف يمكن لتعلم اللغة المحلية لبلد ما أن يساعد على الاندماج فيه ؟
على الصعيد الاجتماعي، إذا أخذت على سبيل المثال قرار الاستقرار في الخارج لمواصلة دراستك من دون التحدث باللغة المحلية لبلد الاستقبال، فإنه سيكون من الصعب عليك الاندماج فيه بسهولة وبسرعة. أنا لا أقصد بذلك أنه يتعين عليك قضاء عدة ساعات في اليوم في محاولة اكتساب عميق للغة، وإنما أن تكون لديك معارف لغوية كافية تمكنك من التقرب من السكان المحليين والتفاعل معهم بشكل يومي. يجب الخروج من منطقة الراحة الخاصة بك، لتجاوز تلك العقبة التي تمنعك بصفة دائمة من الاختلاط مع الآخر.
2 -كيف يمكن لتعلم لغة ما أن يشكل طريقة تفكيرنا ؟
بحسب فرضية “سابير وورف” (النسبية اللغوية)، فإن “اللغة هي وسيلة للتعبير عن مجتمعنا، لأننا لا نستطيع رؤية وسماع وإدراك سوى ما ترمز إليه لغتنا حسب الفئات” (جون ليونز، 1981: 270). هذا يعني أنها (اللغة) ليست “متأصلة”، ولكنها تعطي تصورا عن عالمنا الذي يختلف عن عوالم الآخرين. الألوان والأرقام والمشاعر وما إلى ذلك … لا ينظر إليها الجميع بنفس الطريقة. أوروبا في العصور الوسطى، حيث لم تكن هناك توابل وأعشاب معينة، لم يكن لديها أي تصور حولها قبل أن يتم جلبها من دول بعيدة. كما أن مجتمعا فقيرا، حيث يكون الهدف الوحيد لأفراده هو توفير احتياجات أسرهم، لن يتصور مشكلة صحية بنفس الطريقة التي يتصورها مجتمع متقدم في بلد ت جرى فيه البحوث الطبية لعلاج مرض نادر. 3 – كيف يمكن لتعلم لغة محلية أن يساعد على الاندماج ؟
الوافد الجديد، الذي من المفترض أن ينفتح على مجتمع مختلف، يجب أن يكون منفتحا على تصور مختلف للعالم. يمكنه تطوير تفكير متقدم حول مفاهيم وتصورات معينة غير موجودة في ثقافته. في بعض الأحيان ، يتضمن هذا النكت أيضا. فإذا تمكن الوافدون الجدد من المزاح بسهولة، فتكون لديهم فرص كبيرة ليكونوا في قلب مسلسل الاندماج.
4 -ماذا عن الاختيار بين “الدارجة”والعربية الفصحى؟
بالتأكيد أن اللغة العربية الفصحى هي التي تقرب بين الدول العربية، حيث تستخدم كوسيلة للتواصل فيما بينها رغم لهجاتها المختلفة. وصحيح أن اللغة العربية لها استخدامات عديدة، ولكن بصراحة لا يوجد شعب عربي يستخدمها في محادثاته اليومية. كل شيء يتوقف على سبب تعلم الوافد الجديد للغة. إذا لم يكن ذلك لأهداف دينية أو تعليمية – وهي الأسباب الأكثر شيوعا التي تدفع غير الناطقين باللغة العربية إلى تعلمها- فلن يكون تعلمها بالتأكيد ذا فائدة في المغرب. الوافدون الجدد يقررون عادة القدوم إما للعمل أو للدراسة. إنهم بحاجة إلى التعبير عن آرائهم وأفكارهم بأكبر قدر ممكن من السلاسة. يرغبون في التحدث إلى شخص ما في محل بقالة والبحث عن عمل وربط صداقات جديدة وغير ذلك…؛ لذلك، فإن التحدث بالعربية الفصحى مع مغربي قد يبدو أمرا غريبا